قرويات الشمال كالجنوب مغربيات …. فاس : مصطفى منيغ

منبر العراق الحر :

قرويات مناضلات حملن شرف لقب أمهات شهداء استقلال المغرب ، بالأمس المصبوغ آنذاك بحُكم الأجنبي الفاقد الشفقة ذي العقل المضطرب ، نزحن من قرى مغمورة للمشاركة في نقل السِّلاح معرِّضات أنفسهن للهلاك بجحيم التعذيب ، صمدن حيال زوابع الغدر ودَوَّخْنَ عيون الاحتلال ومررن مِن مواجهة كل رقيب ، لتسليم حمولتهن لرجال المقاومة بنظام كان على القوم ساعتها بالأمر الغريب ، لكن الإرادة وحُبَّ الوطن علَّمت المخلصين ذكوراً وإناثاً تنفيذ المطلوب قياماً بالواجب . قرويات مسكن جمر الغضب بأيدهن لقذفها على كل دخيل استباح ارض المجد وذبح كل حُرّ أبيّ حبيب ، لم يقترف ذنباً سوى صيحته الشهيرة قبل استشهاده “عاش المغرب” .

قرويات أرضعن لبن الوفاء الوفي لمن أصبحوا بناة الاستمرار والاستقرار على نهج الأجداد والآباء إلى هذه الهُوَيْنَة النكداء حيث مثل التربية بيعت لحداثة جل مَن فيها على الهوية الذاتية المحلية غريب . ليس التطور إخلاء القرى من متطلبات العيش الكريم وإنما في ترسيخ ثقافة الحق والقانون حيث أقام الناس بين سفوح أو قمم الجبال أو قرب الغاب ، الحق في الولوج للخدمات العمومية والقانون ذو الاتصال المباشر بالميزانيات المالية الخاصة بنشر الاستثمارات المعنية بالأساسيات التَّحتية مهما كانت المساحة الداخلة في نفوذ الوحدة الترابية التابعة قولاً وفعلاً للأمة المغربية الشريفة حفظها الله ونصرها الناقشة في عمق التاريخ تحدِّيها لأزمنة التَّهميش والتَّحقير والاستيلاء اللاَّمشروع على المنافع الشَّعبية مِن طرف قلَّة نِتاج ما أفسدته عندهم وفرة العُملة كواقعٍ استثنائي كئيب .

قرويات عزفن على أوتار الصبر أغنية “وغداً تشرق الشمس” فيتحوَّل مع ضياء الحقيقة مَنْ كان طاغياً عليه الهمس إلى المسموع جهراً حسب التاريخ المُجرِّب ، ذاك الممنوع تداوله إلاَّ داخل مكاتب ، المعمولة أساساً لسبق إقلاع هبوب في التعبير عن وجوده أينما يريد موهوب غير مُقتَحَمٍ ممَّن ييسرون التَّسْرِيب ، لمعلومات تستعد لمقارعة مضامينها العَصَا في يد يتقاضى صاحبها الأجرة لحماية مَن خيارهم في عُرف الديمقراطية وحقوق الإنسان عجيب .

… منذ استقلال المغرب والقرويات ينتظرن الراحة من القلق على مستقبل فلذات أكبادهن فإذا الفاعل أمامهن غير اليأس لا يصيب ، من كانوا أطفالا قذفهم مرور الزمن إلي شيخوخة ندموا معها على صمت كان لهم بمثابة بِئْس الصاحب ، ومَن كُن صغيرات السنّ هرب ببعضهن امتداد العمر ليجدن أنفسهن بين الأسواق المعهودة يجمعن الفائض المقذوف يملأن به بطونهن . وهناك مَن يتبجَّح بما تحقَّق في مغرب الألفية الثالثة متناسياً أن البادية وهي عمق المغرب وأساس أساسه لا زالت تحيا في العصور الوسطى وهيهات التستُّر خلف ثقب الغربال ذاك السَّبَب والمسَبِّب .

…في حوار دار بيني والصديق العزيز والمقاوم المجاهد الراحل عبد القادر الميخ في إحدى قرى إقليم (محافظة) “الخميسات” حدثني بما قدّمته المرأة القروية مِن تضحيات جسام لنحيا يومه هذه الحرية حيث تخلصنا من جراثيم الاستعمار وأذنابه وما أكثرهم في هذه المنطقة التي وقفنا وسطها وقفة العازمين على تنظيف ربوعها من أوساخ ذاك المُحتلّ الذي أراد في مجمل ما أراد أن يقلع جذور الدين الإسلامي منها بتشييد كنيسة كمنطلق لحملة تنصير الشباب عامة والقرويات بصفة خاصة كأسوأ نصيب ، لقد فطنا لهذه المؤامرة و تهيأنا لنسفها من البداية أنا وزملائي في الكفاح المسلح وفي طليعتنا المجاهد بلميلودي ونساء قرويات فضلنا الاستشهاد على رؤية مثل الفضيحة تتجسَّد وهن داخل أكواخهن لا يحرِّكن ساكنا في موقع سهل النسف لمن أحكَمَ غدراً التَّصويب . (للمقال صلة)

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

aladalamm@yahoo.fr

اترك رد