الخوفُ وجه مظلم للإبداع *****ثناء احمد

منبر العراق الحر :
يُقال بأنَّ الخوف ليس مُظلماً ولا سَلبياً تماماً، وعلى حدِّ رأي الكاتب والفيلسوف الفرنسي ميشيل دي مونتاني : ” تارةً يمنحُ الخوفُ أجنحةً للمواهب لتحلِّق في فضاءِ الإبداع، وطوراً يشلُّ أقدامهم ويوثِّقهم بالأغلال”.
كانت بدايةُ الخوفِ عند الإنسانِ من الحيواناتِ المفترسةِ، وانتهت في وقتنا الحالي لمخاوف أكبرَ وأكثرَ كالخوفَ “من الآلهةِ ومن المجتمعِ وأعرافهِ وتقاليدهِ ومن الحُروبِ، ومن الحكامِ، و من الطبيعةِ بزلازلِها وبراكينِها و…و….”
فحالةُ الخوفِ ترتبطُ بالدِّماغ وتمتدُّ إلى كافةِ أنحاءِ الجسمِ، تبدأُ بتجمدٍ وتنتهي بهروبٍ أو مواجهةٍ وقد تنحصرُ بالوصفِ.
ومع اختلافِ ردودُ فعلِ شخصٍ عن آخر تجاه موقف مخيفٍ عن آخر، فإنَّ الخوفَ عموماً يُشكّل ضائقةً نفسية، ويساهمُ بعجزنا عن ممارسةِ أنشطتنا اليومية.
وأنا هنا لا أقصدُ الوقوفَ عند هذا الجانبِ النَّفسي إلا من جانبِ ارتباطه بالأفقِ الإبداعي – فوجهةُ نظري- ومن خلال متابعتي للعديد من الكتاب، ومن خلالِ تجربتي مع الخوف الذي عانى منه الكثير خلال الأيام الماضية بحكمِ ثورة الأرضِ وغضبها أو بحكم رغبتها بإعادة هيكليتها، فبثت الرّعب في نفوسِ الأغلبية، وجعلتهم في حالةِ جمود ولو لفترةٍ، أرى أن الإبداع لا يعيش تحت مظلةِ الخوف، ويحتاج لطقسٍ صحي ينمو ضمنه، فالذين يعانونَ من قلق لا يحققون بسببه إنجازاتٍ تذكر في أنواع الفن أو الموسيقا أو الكتابة.
فمثلاً كيف نقرأُ قصيدةَ غزل في بيئةٍ يسودها توتر ؟!! كيف نستطيعُ جمعَ أفكارنا لنكتب عن الجمال وعقلنا متجمِّد مُحاصر بهولِ كارثة ؟!! ثمَّ إنَّ المُتلقي هل بإمكانه في ظروفٍ نفسيةٍ مغايرة أنّ يتقبل هذا الإنجاز المستقل عن المحيطِ ويتفاعل معه ؟!!
ويستحضرني هنا رأي موافق للكاتبةِ الأمريكيةِ اليزابيث غبليبرت تقولُ:
“الخوفُ ساحةٌ قاحلةٌ تجفُّ فيها أحلامُنا في لهيبِ الشَّمس الحارقة”.
الإبداعُ يحتاجُ لشجاعةٍ فكيفَ ينمو تحت سقفِ الخَوف؟!!.

اترك رد