المواطن الجمالي …..عبد الحميد الصائح

منبر العراق الحر :
أكثر المواقف التي يتعرض لها العراقي إحراجاً، حين يلتقي أجنبياً يتحدث له عن العراق ، تناقض عجيب ..اذا انتقد الأجنبي شيئاً أساساً أنت تنتقده ، تاخذك الغيرة وتتذمر مما يقول ! .
اذا مدح الأجنبي وضعاً انت أساساً تعترض عليه ، تتضايق، وتتهمه بالتدخل فيما لايعنيه وأنّه يهرف بمالايعرف ..وان هؤلاء الغرباء لم يعرفوا عن قرب معاناة العراقي من حكومته، وبالتالي يذبحوننا مرتين ! .
لايعرف العراقي بالضبط كيف يتحدث مع الاجانب اليوم عن بلاده وكيف يجيب عن اسئلتهم.
يوم الخميس الماضي كنت استقل تاكسي من منطقة بعيدة خارج لندن عائدا اليها ، كان السائق هنديا ، سالني السؤال المعتاد هنا ،
من اين انت؟
قلت : عراقي .
قال : اووو .. رحب كثيراً وأضاف .. كيف احوال العراق؟
قلت : جيدة .
قال : كيف جيدة ؟ ارهاب وقتل وحرب..
أخذتني الغيرة ما أدري عليمن
قلت : طبيعي العالم اليوم كله مهدد بالارهاب ، فرنسا المانيا امريكا دول محصنة ومع ذلك يصلها الارهاب .
قال : يصلها من المسلمين ،هل أنتم تعانون من المسلمين ايضا ؟! فاخذتني الغيرة على الاسلام ،
قلت : الاسلام بريء من الارهابيين ، هؤلاء مجرمون يرتكبون جرائم تحت غطاء الدين .
قال : لكن هناك عراقيون يصفقون لهم .. اخذتني الغيرة على العراقيين ..
قلت : هؤلاء اما خائفون أو اطفال يحتفلون دون وعي .
قال : صحيح الاخبار ان الحكومة عدكم فاسدة وتسرق الشعب ؟،اخذتني الغيرة على الحكومة .
قلت : الفساد ظاهرة موجوده في كل العالم ،و الحكومة بكامل أعضائها لاتسرق الشعب كما تسمع ياصديقي ، هنالك مسؤولون فاسدون لا أحد يعرف اين يذهبون بالاموال .
قال : هل هؤلاء من احزاب دينية ؟
اخذتني الغيرة على الاحزاب الدينية !
قلت : كل انسان مسؤول عن سلوكه ؟
قال كيف مسؤول وهناك قضاء ؟
قلت : القضاء يقوم بواجبه كما يرام .
قال كيف؟
قلت : اخي ممكن نغير الموضوع ،
فقال ، نحن نحب العراق .
قلت : نحن نحب الافلام الهندية،
قال : هل عندكم افلام عراقية ،
قلت : كان عندنا سينما قبل سبعين سنة .
قال : والان اكيد تطورت .
قلت : لاتوجد. !!
وفعلا اقفلت الحديث ، اقفلته، وتأملت كيف
ان العراقي اليوم تحول في الخارج ، الى (مواطن جمالي) يرى بلاده كما يتمناها لا كما يراها فعلا ، يحاول قدر الامكان ان يقدم صورة طيبة عن وطنه وشعبه لايعرف قيمتها المسؤولون
في الداخل ، اليوم العراق بلا اعلام خارجي وبلا تسويق سياسي أودعائي وبلا دفاع عن التشويه الذي يطاله ، واهم من ذلك كثيرا بلا مسؤولية عن تقديم صورة من داخله الى العالم بأنه بلد السياسة والثقافة والعلم والمدنية والحضارة والقوة . وليس بلد الفوضى والدم والسلاح السائب والارهاب والفساد، العراق اليوم في الخارج مشهد صاخب متداخلٌ حقه بباطلِه ، ولااحد يدافع عنه سوى المواطن الجمالي الذي يلعن الساعة السودة التي ولدته امه فيه ، لكنه يشتم أي شخص اجنبي ينتقده !

اترك رد