منبر العراق الحر :.
في بداية حكمهم، قبل اختراع قضايا ابو طبر وعدنان القيسي والحنطة المسمومة،وتزييف حياتنا ، وجد البعثيون مهرجا اسمه الفني ( گعود) كان ممثلا فاشلا من البصرة.
اتوا به الى بغداد واعطوه برنامجا اذاعيا يوميا في الساعة الرابعة عصرا.وهو وقت الذروة آنذاك .شُغل الناس بگعود وكانوا يتحلقون حول الراديو ليسمعوا( سوالفه) المحكية باللهجة العامية وهو يسب ويشتم ياعتباره ممثلا كوميديا ساخرا ولكنه في الحقيقة مسخرة. وذات يوم كنت ذاهبا الى مقر عملي في الجريدة في منطقة الشيخ عمر فوجدت تجمعا من عشرات الناس وحين دخلت سألت مأمور البدالة وكانت غرفته في مدخل الجريدة عن التجمع فقال انهم يريدون مشاهدة گعود حين يخرج فهو في زيارة الى الجريدة.ظل گعود (يهذي ويسخر ويشتم ( اعداء الحزب والثورة) خاصة جمال عبد الناصر حتى انتفت الحاجة اليه يوم ٢٨ ايلول عام ١٩٧٠. ففي عصر ذلك اليوم أفاض على عبد الناصر طوفانا من الشتائم المقذعة في الساعة الرابعة من عصر ذلك اليوم ، الساعة التي سبقت خبر وفاة عبد الناصر حيث اذيع الخبر مساءً . منذ تلك الساعة اختفى ( گعود) حتى اليوم .اختفى گعود باسمه ولكنه لم يغب بشخصه الذي يعاد انتاجه كل يوم بفرق بسيط هو انه كان لنا گعود واحد ولكننا اليوم نملك ونسمع ونشاهد الاف الگعودات المبتذلة الرخيصة والمبتذلة حيث كان شكله يشبه وجه فأر.واذا كان الناس يسمعون گعود آنذاك في الراديو ساعةً كل يوم فان الناس تسمع وتشاهد عشرات الالاف من الگعوديين كل دقيقةًفي الاذاعات والصحف والفضائيات وفيديوهات الفيس بوك والواتساب والوسائل التقنية الاخرى لنفس الهدف وهو تجهيل الناس وتضليلهم وخداعهم وغسل ادمغتهم القابلة للغسل والكوي والنشر على حبال الغسيل.
واذا كان گعود القديم نتاج الابتذال والتفاهة وستر القمع وارهاب الدولة وفساد الاجهزة الامنية وقضم حافات الدولة واطعامها لحكومة الحزب الحاكم فان اعادة انتاج وتسويق گعود عبر صناعة نموذجه ومحتواه المبتذل قد طغى على العراق واصبح تطبيقا لما يطلق عليه اليوم نظام التفاهة.