منبر العراق الحر :
لم يبقَ شيءٌ على حاله
أنا رجلٌ ميتٌ الآن !
أجهّزُ نعوتي وأزخرفُ تابوتي
ذهبَ الكثيرونَ للقاءِ ربِّهم
مشياً على الأقدام
وأنا…
تعبتُ من وضع الورودِ فوق جنازتي
بعد العزاء
العشاءُ سيكونَ بسيطاً
شطيرةٌ من الشعرِ القديم
لم يقضمْها أحد
لقد أجبروا هذه الأرض
أن تخلعَ ثوبَ طهرها
لتحتفلَ بعيدِ النار
الوثنيون
يعيدون ترتيبَ العالم بخفّةٍ وبلا ضوضاء
أيها الربُّ الجليل
كنا مجبرينَ على ابتلاعِ خيبتِنا الكبرى
بكأسٍ من الماءِ المالح
تدرَّبْنا على رقصةِ الموت
وغنينا ورقصْنا للحروبِ الوثنيّة كما رقص زوربا
نذبحُ بعضَنا البعض
ونشربُ نخبَ دمائنا في الربيع
العصافير لملمتْ
اغصان الخراب لتصنعَ أعشاشَها على عجل .
تلك الجبالُ خلعتْ قبعاتها ، وأصبحتْ رؤوسُها عاريةً
استعداداً لمواجهةِ تماثيلِ العدم
هل تلطَّختِ السماءُ بدمِ الشمس
لأنها كشفتْ الحقيقة؟
لم تكن الحقيقةُ سوى وهمٍ غامض أو بقايا من الضوء
في كهفٍ لا يصلُه أحد
القمرُ الأخضرُ أهدى عينيه لامرأة جميلة جداً ،
لكنها خانته مع رجلٍ تافه .!
آه يا صديقي
كيف أعيدُ لهذا الكونِ توازنَه ؟
دعني أحدثْك عن الشعراء الذين رحلوا مبكراً
رحل رامبو لكي يجهز الفردوس لصديقه لوركا
ورحل بوشكين بعد أن رأى جون كيتس
وهو ينزف من رئتيه آخر قصيدة له
الشعرُ هو البطلُ الوحيد،
القادرُ على إعادةِ صياغةِ الوجودِ بلا دماء .
هذا الكذب العاري
الذي يلوِّثُ بريشتِهِ كلَّ شيء ؛ سيغرقُ يوماً في أبديَّةِ الرُّخام .
عندها سأرقصُ أنا والكلمات الصادقة
على مسرحِ الحبر النَّقي
لو أن هذه الأرضَ الكرويةَ صلَّت بشكلٍ دائري
لأنقذتْ أحلامَ الزهورِ والمصابين بمثلثِ الأملِ والانتظارِ والخديعة
لقد انكفأَ الضوءُ الذي يغسلُ البحرَ والأشجارَ والرمال والشمس
سأصلِّي للسَّماء
بكلمةٍ فينيقية واحدة لا يفهمها أحد ؛
لكيلا أُقتَلَ أو يهدر دمي
لا توقظْ هذا العالم ، دعه نائماً ليغرقَ في حدقة الحلم
هند زيتوني .