منبر العراق الحر :
كلُّ اللُّغات تصمتُ أمامَ تفاصيل الموتِ والفقدِ المريبة المربكةِ الشائكةِ المتشابكة .. .
فيَجرحُني الماءُ ويُحرِجُني إذ يسألني :
* عن قلبي المنفطرِ، وعنْ شِقٍّ شكَّلَتْه الحكاياتُ والمنحنياتُ ، لا يفهمُ الخطوطَ المستقيمةَ، ويعبثُ
فيه الحاكمُ الجاهلُ العابثُ متجاهلًا حكمةَ النَّملِ ..
عنْ غرابٍ نافِقٍ ما فَتِئَ يَنعقُ في جَوقاتٍ صدئةٍ، سقيمةٍ ، لُحونُها صدى إدغامٍ وأورام ..!
عن شتاءٍ مُبَلَّلٍ بالدّمع، لا يُشفِقُ على أوجاعِ الثّكالى اللائي يَمْسحْنَ الٌْحزنَ من على جبينِ الفجرِ،
في زمنِ الطغاةِ ..!
عن جسدِ شهيدٍ أخلصَ لذُعرِهِ ولاذَ بالموتِ ، يَلُفُّهُ في ثَغرِ العهرِ قبرٌ، لا يأكلُه التراب .. وعنْ طيرٍ
خُضْرٍ يحمِلْنَه إلى كفٍّ إلهيّةٍ ، ينتشِقْن عبيرَ روحِه الخالد ..
عنْ طفلٍ طرّزَتْ عيْنيهِ الأسئلةُ ، وأثقلَتْهُ اللَّحْظةُ المباغتةُ ..ونامَ يحتضنُ الخوفَ تحتَ الرّكام ..
عنْ شُعوبٍ متألِّبَةٍ مستأسِدَةٍ، تجُرُّ الرَّدى إلى فاتحةٍ لا تفقهُ لغةَ الاِنتهاء والتّوقّف ..
عن عماماتٍ تأسْلَمَتْ وبسْمَلَت وتَمَسْرحَتْ .. وعن إخوةِ هامانَ وحَفنةِ زُناةٍ عُراةٍ ، باعُوا الصّباحاتِ
الدّافئةَ للعَتمةِ والصّقيعِ ..وقدْ عاثُوا في الخمرِ غرقى ..
عن أعراسِ الضّوءِ في المدائنِ الذّبيحةِ ، وعن شوارعَ تلهثُ خلفَ المسافاتِ والأحلامِ الواهمةِ ..
تحملُ الشّهداء المُلْتفّين في ظِلالِهم، وتشيِّعُهم في غفلةٍ منَ التاريخ ..!
وعن سماءٍ خلعَتْ زُرقتَها و ضاعتْ بين أجوبتي .. كلما لوَّحَتْ لي بِرايةٍ أطرقُتُ صامتةً، ودفعَني
الموجُ لأنْ أحتضنَ حزنَ المدائنِ وأنشُجُ وبكاءَ الماء ..
آمال القاسم / سَكْرة القمر