الخَرِيفْ ….شعر د وحيد زايد – مصر

منبر العراق الحر :
أوَتَسْألينَ
عن الخريفْ!
ماذا أقولُ عن الخَريف!
هو المناجِلُ تَبْتُرُ الأمالَ
مِن قبْلِ الحَصادِ
بِأسْيافِ اجْتِياحْ
هُو السُّكُونُ
الصامتُ
المَحزُونُ خَوْفاً
مِن ضَلالاتِ النُباحْ
هُو البَوارُ هُو السُّقوطُ
هُو الرِيَاحْ
مادا أقول عن الخَريفْ!
مادا أقولُ عن الكآبةِ والشُحُوبِ
و رَعْشَةِ المَوْتِ المُخِيفْ
فيهِ غضْباتُ الرِياحِ
وفِيهِ أنَّاتُ الحفيفْ
ماذا أقولُ عن
الحُزْنِ
المُخَبَّأ خلفَ
صَخْرِ السَّدِ نَهْرَا
ماذا أقُولُ عنِ السُحْبِ
التي طَمسَت عُيونَ
الشَّمسِ
جَهْرا
لا تسْألِيني
سَلِي المَراعِي
كيْف ماتَ علَي شِفاها
الحُبُّ ..
سَلِي الحُقُولَ
الناحِبةْ
سَلِي
بَقايا الشَّمسِ
إذْ كُسِرَت زُجاجتُها
فسَالَت في خَلايانا
خُيُوطاً شاحِبةْ
سَلِي
الطَّبيعَةَ
كَيْفَ يَذْبُلُ
في يَدَيْها الحُسْنُ
وَهْيَ الواهِبَةْ
سَلِي
فُروعَ السِندِيان
و لَوْعةَ التُفَاحْ
سَلِي دُموعَ
الكَسْتِناءْ
سَلِي
الوَرْدَ الذِي
ذَهبَتْ روا ئِعُهُ هَباءْ
سَلِي السَّماءْ
ألا تَرَيْنْ ؟
أُنْظُرِي نحْوَ السَماءْ
تَلْتَقِي عَيْناكِ أسْرابَ
الطُيورِ مُهاجِرةْ
تَشْتاقُ
دِفْءَ
الإِسْتِواءْ .. كَذَا
الأُسودُ والنُمورُ والظِباءْ
هرَعَتْ إلَى الغاباتِ
تسْتَبْقِي البَقاءْ
لَمْ يَبْقَ فِي
تِيهِ الضَبابْ
غَيرَ الأرانِبِ والذِئابْ
في غَلِيظِ الجِلْدِ
تَنْعَمُ بالفِراءْ …
قُومي انظُرِي مَلكَ البهاءْ
قدْ أعْلَنَ العِصْيانَ
جَهْراً والبَراءْ
ما أحْكَمَ الطاوُوس..
أسْقَطَ رِيشَهُ
ما عادَ يَزْهُو
بالجَمالِ و بالضِّياءْ
وحَوْلَهُ الأشجارُ والدُنْيا عَراءْ
هل للجَمالِ بِساحَةِ
القُبْحِ ! بَقاءْ
قدْ غادَرَ الغاباتِ مُنْزَعِجاً
إلَي شطِّ الأمانْ
مُيَمِّماً ..
مُلْكَ سُلَيْمانْ
حيثُ القوارير صُروحٌ
والهَداهِدُ أوْلِياءْ
مُسْتَخْفِياً
حتَّي الرَبِيعْ
لِيُجَدِدَ الرِيشَ البَدِيعْ
وعائِداً بِكُلِ إِشْراقٍ وكُلِ كِبْرِياءْ
لا ناظِراً قدَمَيْهِ لا
ولا مُوارِباً بابَ العَداءْ
غُرُورُهُ وذَيْلُهُ وتاجُهُ
هِبَةُ السَماءْ
نافِخاً مِزْمارَهُ المُخِيفْ
أنا هُنا .. فيَهربُ
الخَرِيفْ
أهٍ يابَنِيَّ تَرَفَّقُوا
لوْ تَفْقَهُون!
لَوْلا الخَريفُ اليَوْمَ
جاءْ .. لاحْتَبسَ الشِتاءْ
إِنَ بعدَ العُسْرِ ماءْ
هِيَ دَوْرَةٌ .. و يَعْصِرُونْ
لا شِدةٌ تَقْوَي علَي
بأْسِ الرَخاءْ
يمْضِيانِ
و بَعدهُم يَجْرِي الجُنونْ
مُراهِقا يُبْدِي البَدِيع
يَأتِي الرَبِيع
فِي طُهْرِهِ
طِفلٌ لَطيفْ
في حِسِهِ حُسْنٌ رَهِيفْ
في رُوحِهِ طَيْفٌ
شَفِيفْ
ما كانَ يطْرُقُ بابَنا
لولا الخَرِيفْ ..
لولا الخريفْ
ما كانَ فذٌ أو ضَعِيفْ
ماكُلُ أوراقِ العَوالِي
تتَماهَى كالنَزِيفْ
مِنْها الأصِيلُ بلا حُدُودْ
مِنْهاالوَفِيةُ للجُذُورِ
وللجُدُودْ
أبَداً
ولو قُذِفَتْ
بأحْجارِ الجُحُودْ
ما كُلُ أوراقِ الخَرِيفِ
تُمارِسُ الدَناءَةْ
تَهْوي بإيماءَةْ
و تَسْعَى
للهُبُوطْ
البَعضُ يحْتَرِفُ السُّقوطْ
لكِن وُرْقاً أَقْوِياءَ
تشَبَثَتْ بالأمِ
أنكرَت القُنُوطْ
صمَدَتْ علَي الأشْجارِ
أطْياراً وأنْواراً وحبَّاتِ ياقوتْ
والمُخْلِصُ العَفِيفْ
ما بانَ مَعْدنُهُ
الشَريفْ
لولا الخَرِيفْ

اترك رد