صديقي نور العين ….نعيم عبد مهلهل

منبر العراق الحر :
أسمه نور العين ، والغريب أن أسم والده جفن الفجر ، ومتى نادى رئيس عرفاء السرية على إسمه في وقوعات العرض الصباحي ، يضحك قبل أن يلفظ أسمه كاملا ، ثم يقول : قراءة أسمكَ كل صباح كمن يستمع الى أغنية لفيروز .
وأخبرني نور العين مرة لأنه الذكر الوحيد بين خمسة بنات ( وهاد ومعياد ونهاد وسعاد والأخيرة اسمها رقاد ) في أعتقاد الوالدين أن الام سترقد عند البنت الخامسة فلا تنجب بعد كي لاتكون أنثى سادسة ، لكن والده توكل على الله ،وجاء المولود السادس ذكرا ليكون النور لعيون أمه وابيه .
عاش نور العين معنا فوق ربيئة في جبل أوراس القريب من منطقة الحاج عمران ، أحبه الجميع ، لطيفا وهادئا ،وأكثر من اعتنى فيه هو رئيس عرفاء السرية ( جهاد منسي جفن ) وهو يقول : أنت وحيد اهلك ، ولا نريد أن نطفئ النور في عيون ابويك ونتحمل ذنبا كبيرا ، لهذا ارسله الى ربيئة تطل على الجانب الخلفي من قمة الجبل ولا تصل اليها شظايا القصف .
صادف ذات ليلة شتوية أن نكون معا في نقطة التنصت امام الربيئة ولنتدقئ بالحكايات فأعرف أن نور العين قارئا جيدا ولا يخاف من الموت لأنه يعتقد إن الموتَ قدر لا تراه العيون حتى لو امتلأت بكل النور لأنه يأتي حيث لا نعلم ،والنور يأتي حيث نرى .
أنتهت الحرب ، وتفرقنا ، وكلما يأتي ذكر كلمة نور حيث تضيء مصابيح الليل في بيتنا أو الشوارع أتذكر نور العين ،وهدوئه وحرص رئيس عرفاء السرية على أن يكون نور العين في مكان آمن …لكنه رئيس عرفاء السرية غادرنا فجأة الى رحيله الأزلي مصابا بشظية ، فبقيَّ نور العين مثل يتيم ،وبالكاد أنهى الحرب وتسرح وهو سالما .
بعد سنوات ، وانا امشي في شارع العباس في زيارة لمراقد الائمة ( ع ) في كربلاء . لأشعر ان شخصا يضع يديه على اكتافي وهويقول :ها نحن نلتقي مرة اخرى يا صديقي السومري بعيدا عن خوف الحرب وجحيمها . وما أن تأملت وجهه جيدا حتى عرفته إنه نور العين ، وقد ورث من ابيه املاكا كثيرة واصبح تاجرا معروفا ، واجمل ما فعله إنه ساهم في دعم ابناء رئيس عرفاء سريتنا جهاد منسي جفن واوصلهم جميعهم الى الجامعة وحتى تخرجوا ، والاجمل إنه زوج اثنين من بناته الى ابناء رئيس عرفاء سريته.

اترك رد