تفيقه صديقي الثورجي ورددت ! احمد الحاج

منبر العراق الحر :

بالأمس سألني صديق من بقايا المتفيقهين العرب وكان واحدا من -الثورجيين القدامى- يوم كان الدفاع عن العرض العربي في المؤتمرات والندوات والمهرجانات على أشده نهارا،مصحوبا بفض بكارته وتدنيس شرفه بتأثير الخمور وأحيانا الحشيش داخل الحانات والخمارات والملاهي ليلا ، وأنا على اطلاع كاف بأحوال -الثورجيين القدامى – من القوميين والقطريين من العلمانيين واليساريين العرب على سواء ،قال صاحبي – الثورجي المتصابي – عابثا بقلادته وخاتمه وساعته الرولكس وسواره الذهب ، مداعبا خصلات من شعره الأشيب المخضب بالسواد الحالك لأغراض التصابي أمام الصبايا ،لا لإظهار القوة والجلد في حقب المهازل والرزايا ،و بعد تناوله لوجبة دسمة من دجاج كنتاكي فرايد تشيكن،المعروف اختصارا بـ” KFC” أعقبها بإفراغ علبة كاملة من الكوكا كولا في جوفه،أشعل بعدها سيجارة أمريكية ونفث دخانها في وجهي على أنغام – ثومة – وأغنيتها التي خدرت شعوبا وأمما بأسرها ” هل رأى الحب سكارى مثلنا ؟!” يوم كان أمثال صاحبي هذا أسوة برفاقه في النضال ينتظرون ظهور إمام عادل دون الأخذ ولو بالأدنى من أسباب النصر والظفر والتمكين الممهدة لظهور من سيملأ الأرض عدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، فخرج علينا وبدلا من الامام العادل ، عادل إمام …يوم كان صديقي هذا ورفاقه يحلمون بخروج الثائر الأسمر من دون مقدمات جادة للنصر ولا خطوات للظفر، فظهر لنا وبدلا من الثائر الأسمر، نقيضه اللا ثوري المعروف بالعندليب الاسمر !” وببساطة شديدة لقد تناول صاحبي واحتسى كل ما يندرج في قائمة المقاطعة للشركات الداعمة للكيان اللقيط ، ومن ثم وبعد التجشؤ ذهب ليتكىء على أريكته ويسترخي قليلا بعد نضال غرائزي مشبع بالنهم البهيمي، ليعيق اتكاءه ويقض مضجعه، كرش تقدمي لطالما حرص على تكبيره ولاسيما في المجالس والفواتح والاعراس ، زيادة على خلفية رجعية لطالما رباها بعناية فائقة لتتناسب مع المقاعد الوثيرة التي دأب بالجلوس في صدارتها ولاسيما خلال الاجتماعات والندوات – الوهمية- التي تطالب باعادة النازحين ، واطلاق سراح المعتقلين ، وانصاف المظلومين ، وطرد الغزاة المعتدين من كل بلاد المسلمين ، قائلا وبتهكم واضح “ترى مالذي جناه الفلسطينيون بعملية -طوفان الاقصى- غير الخراب والدمار وإعطاء الذرائع لعدم الاعتراف بدولة فلسطينية مستقبلا فضلا على رفض ما يسمى بـ حل الدولتين ، أما كان الأجدى والأولى وفقا لسلم الاولويات ، التريث قليلا ولو لـ 75 عاما مقبلة لحين تمتين عناصر القوة ، وترسيخ مفاهيم المقدرة، ودعم ركائز التمكين الواجبة لتحقيق النصر المبين على أعداء الأمة والدين ، ولو بعد حين ،ألم يسمع قادة الطوفان هؤلاء بالقاعدتين الاصوليتين بأن من شروط تغيير المنكر “ألا يغلب على الظن نزول ضرر غير محتمل بمن يقوم بالإنكار،وألا يؤدي تغيير المنكر إلى منكر أكبر منه؟!” .
الحقيقة لم أتمالك نفسي فقهقهت عاليا من دون ارادتي لأنني أعلم يقينا بأن صاحبي هذا مجرد هواء في شبك – ثوريا – ولايعدو أن يكون مجرد فقاعة، وزوبعة في فنجان، تسمع جعجته ولاترى طحنه، وعلى قول البغادة ” دخانكم عمانا ، وطبخكم ما اجانا ” فيما كانت تعتريني رغبة جامحة للبصق في وجهه الذي بذل جهدا واضحا لتنعيمه وتبييضه وتصغيره استعدادا للمؤتمر القادم الذي سيقام تحت شعار”حوار الحضارات والأديان” الذي دعيت اليه أعداد لا تحصى من الراقصات والفاشينيستات والبلوغريات لأداء وصلات غنائية ورقصات نضالية عادة ما تسبق وتعقب إنطلاق وقائع جلسات مثل هكذا مؤتمرات، فقلت بملء فمي ، وببركان يغلي في دمي :
– وهل كنت تصدق في حياتك كلها بأن طلاب أكثر من 50 جامعة من الجامعات والكليات والمعاهد الامريكية سيعتصمون ويتظاهرون داخل الحرم الجامعي رغم انذارات الفصل والرسوب بحقهم نصرة لفلسطين ؟!
– هل خطر ببالك يوما بأن طلاب واساتذة عشرات الجامعات والمعاهد والكليات في كل من بريطانيا والنمسا وهولندا وبلجيكا وألمانيا وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية سيتظاهرون ويحتجون وهم يرتدون الكوفية العربية، يتوشحون بالعلم الفلسطيني داخل الحرم الجامعي برغم تعرضهم للاعتقال وترقين القيد مرددين عبارة ” الحرية لفلسطين ” ؟!
– هل خطر ببالك يوما أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية قرارات تقضي بملاحقة قادة الكيان الصهيوني لارتكابهم جرائم حرب ، وإعلان وزارة الخارجية النرويجية بأنها ستكون ملتزمة بإلقاء القبض على نتن ياهو ، إذا زارها في حال إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه لترد صحيفة يديعوت أحرونوت ،بأن ” هذا التهديد عديم المفعول لأنه لا رئيس الوزراء ولا وزير الدفاع يزوران النرويج قريبا !!” ما يؤشر الى مدى فعالية القرار وحجم تأثيره على الداخل الصهيوني .
– هل خطر ببالك يوما أن تقرر كل من ايرلندا واسبانيا والنرويج الاعتراف بدولة فلسطينية حرة مستقلة برغم تهديدات الكيان لقادتها وسحب سفرائه منها وذلك في خطوة ستدخل حيز التنفيذ في الـ 28 من أيار الجاري 2024 ما يشجع المزيد من الدول الأوروبية لاتخاذ خطوات مشابهة لينظموا بذلك الى 140 دولة من الدول الاعضاء في الامم المتحدة البالغ عددها 193 دولة مستقلة الامر الذي سيزيد من عزلة الكيان واقتناع المسوطنين بأن حكومتهم حكومة منبوذة وفقا لصحيفة الغارديان البريطانية .
– هل خطر ببالك يوما أن تخرج تظاهرات عارمة بالملايين وهي تجوب الشوارع الرئيسة في قلب العواصم الاوربية – الاستعمارية – مع اقامة الصلوات ورفع الاذان بحماية جموع المتظاهرين أنفسهم ، تأييدا لفلسطين وشجبا لجرائم الكيان المسخ ؟
– هل خطر ببالك يوما أن تقف الامم المتحدة والمؤسسات التابعة لها ممثلة بأمينها العام مع الشعب الفلسطيني ضد الكيان اللقيط ؟
– هل خطر ببالك يوما أن يعتنق عشرات الالوف من الملاحدة واللادينيين واللا أدريين والمسيحيين واليهود ، الاسلام ، و يزدحمون أفواجا في طوابير طويلة أمام المراكز الاسلامية في الدول الغربية لإشهار إسلامهم بسبب فلسطين عامة ، وغزة خاصة ؟
– هل خطر ببالك يوما أن ترفع دولة جنوب أفريقيا دعوى قضائية ضد الكيان في محكمة العدل الدولية ومحاولة انتزاع قرار يصف ما يجري في غزة بأنه ابادة جماعية – رغما عن أنف حكومة النتن جدا ياهو ، وحكومة الباباي دن – نصرة لفلسطين لتدعمها وتقف الى جانبها أو تدخل طرفا في الدعوة دول عدة كـ كولومبيا ونيكارغوا والمالديف والبرازيل وتركيا وغيرها من الدول ؟
– هل خطر ببالك أن تعود القضية الفلسطينية المركزية الأم الى الواجهة العالمية مجددا بعد أن طواها النسيان أو كاد أن يطويها ، بعد “ركوب قطار التطبيع ” فيما كان الحديث كله منصبا وقبيل إندلاع الطوفان بأيام معدودة عن – بصقة – القرن، وانخراط المملكة السعودية كذلك قطر والكويت في ركاب التطبيع بالتتابع ليأتي الطوفان فيغير كل المعادلات ، ويجهض جميع الامنيات والاحلام ويقلبها رأسا على عقب الى الحد الذي بات الحديث يجري على قدم وساق حاليا للمطالبة جديا بالانسحاب من معاهدة كامب ديفيد ، واتفاقية أوسلو وطرد سفراء الكيان كذلك ؟
– هل خطر ببالك يوما أن تقف كل من روسيا والصين مع فلسطين في أروقة مجلس الأمن لتدافع عنها ولترفع الفيتو بوجه كل قرار أمريكي يصب في صالح الكيان اللقيط ؟
– هل خطر ببالك يوما أن يكثر الحديث في مواقع صنع القرار، والمراكز البحثية ، ويطول التشكيك في الهولوكوست، وما يسمى بمعاداة السامية والتي لم يكن هناك وقبيل الطوفان من يجرؤ بالحديث عنهما ولو سرا، ولو همسا ، ولو في أحلام اليقظة، ولو في المنام ؟
– هل خطر ببالك يوما أن تفرض العديد من الدول وأبرزها كندا وبريطانيا واسبانيا وبلجيكا عقوبات على مستوطنين وكيانات وجماعات صهيونية متهمة اياهم بارتكاب أعمال عنف ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، لتشمل العقوبات حظرا على دخول أوروبا ، ومنع جمع التبرعات لصالحهم ، واستهداف من يزودونهم بالسلاح،واصفة اياهم بأنهم ” مستوطنون إسرائيليون متطرفون” ؟
– هل خطر ببالك يوما أن ينقسم الشارع الصهيوني ويتظاهر بقوة أمام مبنى حكومته ويصطدم بقوات الشرطة ومكافحة الشغب مطالبا بالوقف الفوري للحرب على غزة ، والبدء بعملية تبادل الرهائن ؟!
صديقي الثورجي المتقاعد ، يا صاحب الشوارب المفتولة طيلة عقد السبعينات والثمانينات وحتى منتصف التسعينات إما الى الاسفل على خطى ابو عنتر – قوميا – أو الى الجانبين على طريقة ستالين شيوعيا، أو الى الأعلى على طريقة سلفادور دالي عبثيا واشتراكيا ، أو حلقهما – ملط – تشبها بفرعون الخروج ، يا من كنت تسمي الجهاد في سبيل الله،تارة نضالا،وأخرى كفاحا،وثالثة صمودا في متلازمة تكاد لا تنفك عن الحانات والملاهي الليلية ، اسمحلي أن أقول لجنابك – الكسيف – بأن طوفان الاقصى قد غير العالم كله من أقصاه الى أقصاه ، ولو أننا بقينا نجاريهم في ما يحلو لي تسميته ” بالثورة – العورة ” أو” الثوري اللاثوري” على وصف عزيز السيد جاسم ، والتي يجسدها اليوم بأجلى صورها ” الميرزا محمود عباس” وسلطته، لما تغير شيء قط على أرض الواقع ، ولظل الحال على ما هو عليه كما كان منذ وعد بلفور المشؤوم 1917، كذلك قرار تقسيم فلسطين 1948 لحين هدم الأقصى المبارك، وبناء ما يسمى بهيكل سليمان على أنقاضهم، وانخراط كل – الخارطين – في قطار التطبيع، وإطلاق ما يسمى بالديانة – الوهمية – الإبراهيمية وسط كم لا يحصى من الترفيه والتسفيه والتسطيح اللازم للالهاء وحرف البوصلة ، واذا كان هناك من يخرج من صلب هذه الامة على رأس كل 100 عام ليجدد لها دينها بأمر من الله تعالى كما ورد في الحديث الشريف ، فأقطع جازما وبالقياس” بأن حدثا جللا ما سيسبق ظهور هذا المجدد ، أو يعقبه ، أو يتزامن معه لامحالة ما من شأنه أن يجدد لهذه الامة دينها كل 100 عام كذلك، ولا أشك ولو للحظة واحدة بأن ما بعد “طوفان الاقصى”لن يكون كما كان قبله البتة ولعل في الطوفان وقادته وبطولاته خير تجديد بعد طول تبديد ، وخير ايقاظ بعد طول سبات .. وختاما وعلى قول الحطيئة مع بعض الاضافة وإن عبثت بالوزن الشعري دونا عن قافيته :
تنحّي”دويلة الكيان” فاجلسي مني بعيدًا …أراح الله منكِ العالمينا حيا بكِ ما علمت حياة سوء …وموتك تسر الصالحينا
وأخيرا ارجعلي زميلي المخرج لنقول للقراء والأصدقاء والأحباء…أودعناكم أغاتي

 

اترك رد