تقنية تبشّر بتحريك الأطراف المشلولة

منبر العراق الحر :نشرت مجلة “إيكونوميست” البريطانية تقريراً عن الصحافية ميلاني ريد التي سقطت منذ أربعة عشر عاماً عن صهوة جوادها فكسرت عنقها، لتتركها إصابتها في الحبل الشوكي مشلولة الأطراف والجذع، وهي الحالة المعروفة بـ”الشلل الرباعي”.

لسنوات عدة، كانت لا تشعر بيدها اليسرى، ولا تستطيع تحريكها. مع ذلك، لا يمكنها اليوم أن تحرك تلك اليد فحسب، بل يمكنها أيضاً، كما تقول، “ربط شعرها بأسلوب ذيل الحصان”.

لم يتطلب تعافي ريد الملحوظ – وإن كان غير مكتمل – إجراء عملية جراحية أو تناول دواء، بل تطلبت ممارسة التمارين… والكهرباء. كانت واحدة من بين 60 مريضاً في ثلاثة بلدان تلقوا شكلاً جديداً من أشكال التحفيز غير الجراحي للحبل الشوكي، المعروف باسم Arcex، ابتكره غريغوار كورتين، من مدرسة البوليتكنيك الاتحادية في لوزان، وزملاؤه. ونُشرت نتائج التجربة في مجلة Nature Medicine في 20 أيار (مايو) المنصرم.

تتحرك عضلات الجسم البشري عندما تصل إليها إشارات كهربائية من الدماغ عبر الحبل الشوكي. في حالة الحركات اللاإرادية، تأتي الإشارة مباشرة من الحبل الشوكي، وتتجاوز الدماغ وكل أجزائه. فإذا تضررت الأعصاب في الحبل الشوكي، تتأثر الدائرة الكهربائية الداخلية متسببة بالشلل.

لا جراحة.. لا إبر
مؤكدٌ أن تطبيق التيار الكهربائي على الأعصاب المتبقية يمكن أن يعزز الإشارة الدماغية فتتحرك الأطراف المشلولة. لذلك، دسّ الباحثون زرعاً جراحياً على الحبل الشوكي، إذ أظهرت هذه الطريقة أفضل النتائج. لكن العديد من الدراسات بيّن في السنوات الأخيرة أن التقنيات غير الجراحية تعمل بالكفاءة نفسها، إن لم تكن أفضل حتى.

إرسال إشارات كهربائية من أقطاب كهربائية مثبتة على الجلد يساهم في استعادة العضلات بعض وظائفها من دون الحاجة إلى جراحة أو استخدام الإبر أو دخول المستشفى. وتعد الدراسة الأخيرة التي أجراها كورتن الأكبر حتى الآن لإثبات هذه التقنية.

ويذكر التقرير أن إعادة التأهيل الجسدية لا تزال الشكل الأساسي لعلاج الشلل الرباعي، لتقوية الوظائف القائمة والحفاظ عليها، في المرضى الذين تضررت قدرتهم على حمل الأشياء والإحساس. أما بالنسبة إلى أولئك الذين يتمتعون ببعض القدرة على الحركة والإحساس، وهي الحال التي تنطبق على معظم المشاركين في دراسة كورتين، فإن التمارين تتضمن تدريبات باستخدام الأوزان والمقاومة. فربما تساعد هذه التمارين في أداء المهام الأساسية، لكنها تؤثر تأثيراً طفيفاً على الإحساس والتحكم العضلي. ولاختبار فعالية التدخل الكهربائي مقارنة بالتمارين وحدها، طلب فريق كورتين من المشاركين أن يخضعوا لإعادة تأهيل جسدية تدوم شهرين، وأن يخضعوا بعدها لإعادة تأهيل بمساعدة تحفيز كهربائي، باستخدام جهاز “أركس”، لشهرين إضافيين.

قطبان ودائرة وتيار
وضع الباحثون قطبين على ظهر عنق المريض – فوق موقع الإصابة وتحتها – وقطبين آخرين قرب الكتف أو الحوض لإغلاق الدائرة. ثم تم تطبيق تيار كهربائي. خلال شهري إعادة التأهيل وحدهما، زادت قدرات المرضى الوظيفية في البداية ثم استقرت. مع التحفيز الكهربائي، تحسنت قدرة 72 في المئة من المشاركين تحسناً ملحوظاً في أدائهم اختبارات القوة والوظيفة. حتى بعد إيقاف التحفيز، شهد 90 في المئة من المشاركين تحسناً في واحد من هذه المجالات على الأقل. والأمر المهم، أنه لم يُبلَّغ عن أي آثار جانبية خطيرة.

تزيد دراسات ناجحة كهذه من احتمال وصول أجهزة التحفيز عيادياً إلى متناول الجميع. فعلى سبيل المثال، يقول كورتين إنه تتم مناقشة الموافقة على جهاز “أركس” مع “إدارة الغذاء والدواء الأميركية”، ويأمل تسويقه بحلول نهاية العام. لم يُعرف بعد إن كان أولئك الذين يعانون أصعب الإصابات سيستفيدون من هذا التطور، إلا أن أي تقدم هو بشرى خير للمرضى.

تقول ريد: “لا معجزات” في التعافي من إصابة الحبل الشوكي، “لكن التقدم الصغير يمكن أن يغير حياة الإنسان”.

مجلة “إيكونوميست”

اترك رد