منبر العراق الحر :
يجمع الكاتب جون فيري هياكل عظمية قديمة كانت تستخدم في دراسة الطب، ليطلق تجارة لها سجل غامض في الاستغلال.
وفي استوديو صغير في حي بوشويك، يظهر صندوق بني على طاولة خشبية، وفي داخله جمجمة بشرية تغطيها رغوة رقيقة. وبعد إزالتها، يمكن رؤية الفك السفلي للجمجمة. وأخرج فيري باقي الجمجمة وركب الجزأين معاً، قبل وضعهما على غطاء التابوت في زاوية الغرفة.
ورجح فيري أن الجمجمة من أصل هندي، مشيراً إلى بقايا جوزة التنبول على أضراسها. وستخضع هذه الجمجمة للفحص والتصوير قريباً، قبل تسجيلها في قاعدة بيانات تشمل 80 جمجمة مصفوفة بدقة في خزانة زجاجية.
ويضع فيري لكل جمجمة ملصقاً أزرق اللون، يحمل رقم تعريف وكلمة “جونز بونز”، وهي اسم شركته. وتتدلى 5 هياكل عظمية من فوق الجماجم، إلى جانب أكثر من 100 عمود فقري.
وبدأ فيري في بيع عظام بشرية، بعدما طور هوساً بدأ في سن 13، أثناء نشأته في تايلاند. وعندما كان طفلاً، أعطاه والده هيكلاً عظمياً لفأر، ما أطلق شغفه تجاه الهياكل العظمية للحيوانات. وبعد انتقاله إلى نيويورك في سن 18 لدراسة تصميم المنتجات، أطلق شركة “جونز بونز”، للهياكل العظمية للحيوانات.
وأصبحت الشركة تضم اليوم 8 موظفين ونصف مليون متابع، وأكثر من 22 مليون إعجاب عبر “تيك توك”، حيث ينشر فيري مقاطع فيديو حول موضوعه المفضل، وهو تجارة العظام الطبية.
وفي أحد المقاطع، أوضح أن طلاب الطب اشتروا هذه الهياكل من شركات الإمداد الطبية، وأشار إلى صندوق خشبي من العظام مكتوب عليه “ميليكين ولاولي”.
وحتى ثمانينيات القرن العشرين، كان من الشائع أن يشتري الطلاب الهياكل العظمية الخاصة بهم لدراسات التشريح. لكن عام 1985، انهارت هذه الصناعة عندما حظرت الهند تجارة الرفات البشرية، بعد القبض على تاجر عظام صدّر 1500 هيكل عظمي لأطفال.
ولم تعد هذه العظام تستخدم، وغالباً ما ترثها العائلات عند وفاة الأطباء الذين يملكونها، وهنا يأتي دور فيري، الذي يسهل عودتها المربحة إلى مجال التدريس الطبي، حيث يعتقد أنها قد تستمر في إفادة البشرية، مع اختلافاتها الفريدة التي لا يمكن للنماذج التشريحية أن تشملها. ويقول: “العظام موجودة سواء أحببنا ذلك أم لا، لذلك يمكننا استخدامها بفعالية”.