شيء ما يحدث! فلاح المشعل

منبر العراق الحر :
مساء أمس، قررت أن أمضي بجولة في شوارع بغداد، وتحديدا شارع كرادة خارج، شجعني على ذلك هواءً منعش يخلو من الحرارة، كنت أنقل نظري في صور وملصقات وجداريات عملاقة لمرشحي الأحزاب للانتخابات، وقد غطت واجهات المباني محققة بامتياز تشوهاً صارخ، وتلوثا بصريا للمارة بأحد أجمل شوارع الرصافة المختنقة.
تلك الدعاية الانتخابية، كرست عندي قناعة تامة بأن المناخات السياسية الزنخة في العراق، لم تكتفِ بإنجاب طبقة سياسية فاسدة استوطنت في سلطات الدولة والحكم وحسب، بل خلقت بيئة مزدهرة للانتهازية كسلوك يطبع غالبية الطامحين إلى السلطة، حيث المال والنفوذ والحمايات وغيرها من مكاسب يمنحها الزمن لصور سياسية طارئة على زمن عراقي استثنائي بمخالفاته وسخريته!
كثيرون جاء بهم إياد علاوي قبل عشرين سنة، من غاطس الأمية والأكاذيب والفهلوة، إلى سطح السياسة المصنوعة في غرف الطوارئ، ثم تحولوا حين انتهى المد لدى علاوي، لينتقلوا إلى المالكي ودولته القانونية، ولم تتردد إحدى البارعات في التنقل عن تسميته ب”أبو الخبزة”، وعندما أفلت أضواء المالكي انتقلوا إلى آخر مالك ل ” المخبز ” الجديد، في تكرار انطباعي لجملة ” أبو الخبزة”، ليصبح هذا المصطلح اللا أخلاقي يرسم حدودا غير متناهية للسلوك الانتهازي لغرض البقاء في حضن السلطة الوردي!
أفكار ومفارقات مضحكة راودتني في تلك الجولة مع صور المتسابقين لكي يصبحوا “نوائب” للشعب المنسي، لكن ما هالني وأشعرني بالحزن، وجود بعض الأسماء لشيوخ عشائر وأبناء عوائل معروفة وغنية، وما زالوا يتمتعون بسمعة طيبة، قد تورطت بالمشاركة مع قائمة هذا الحزب أو ذاك التحالف، محشورون في قائمة واحدة مع شخصيات مشهورة بعبثيتها وسطحيتها وشذوذها، وتلك هي مظاهر الأخلاق السائلة التي تحدث عنها المفكر البولندي “سيجموند باومان”، حيث تفقد الأخلاق ثوابتها تحت ضغط النزعة الاستهلاكية والمال، والتشوه الذي أصاب العالم ما بعد عصر الحداثة في الحياة.

اترك رد