منبر العراق الحر :
تخرجُ من حواشي البؤس
ومن تضاعيفِ القهر
امرأةٌ تأتي من زمنٍ ولّى
تكتم جراحها
تلملم ما تناثر من تاريخ نبوءتها
وتعبر الصمتَ بوجعٍ معلنٍ في مدى عينيها.
ليلُها طويل…
طويلٌ كسرابٍ لا ينتهي
بلا أجنحةٍ تطير
وصدرُها حرائقُ لا تنطفئ
وغيمٌ مثقلٌ بجمر الانتظار
وغيثٌ مؤجَّلٌ لا يأتي
وفي جوفها وَجَلٌ يسكنه الصدى.
تحاصرُ شفتيها قصيدةٌ عنيدة
وإن قالت
لا تقولُ إلا ما أُوحيَ إليها.
تتركُ البابَ مواربًا
وتختفي وراء جدرانٍ خرساءَ باردة،
ومن كهفها تتبعها تاؤُها كظلٍّ من ضوءٍ غابر.
نادت
حذّرت
أنذرت
قالت:
أرى أشجارَ بلدتي تموت واقفة
أرى فرسانها يدفنون رؤوسهم في الرمال
أرى سيوفهم مغمدةً في صدر نبوءتي
وسياطهم تجلدُ ظهرَ قصيدتي
وأرى قيودهم في يدي
ولا بحرَ في بلدتي
ولا مركبَ أُلقي إليه شراعي.
هذا الغامضُ الخفيُّ يُنبئني:
أنا والمطلقُ واحد
لا حدودَ لرؤيتي.
قالوا عنها:
عرافة
قدّيسة
نبيّةٌ مرسلة.
قالوا: أنَّى لها الحكمة؟
ذاكرتُها وهمٌ
ولغتُها هذيان
وما تقول إلا خرفًا وثرثرة.
لا ملاذ لها هنا…
ما كذبت عيناها
بل هم كذبوا.
لا تتواري إن خذلوكِ
اصمدي ولا تُغادري
فلن يستطيعوا قلعَ عينيكِ
ولا صلبَكِ على بابِ المدينة.
أنتِ الصوتُ
أنتِ النورُ
أنتِ الصرخةُ
أنت النصر
وأنت الحقيقة
وأنت الحياة.
منبر العراق الحر منبر العراق الحر