( لن يتأخر… ?! ).. قصة قصيرة… كنانة ونوس- سوريا

منبر العراق الحر :
هذه المرّة كان سريعاً في احتواء مُصَابِهُ على حدّ تعبير صديقه.. إنّهُ على بعدِ شارعٍ من خطواتي برفقة شقراء لا تعلم ما يخبّئه لها الحظّ معه.. أنحرفُ باتجاهٍ معاكس كي لا يراني..ويأخذُ وجهي الرّصيف بحزنٍ ويأسٍ اعتدْتُ عليهما.. إذاً ها هو بالفعلِ بألف خيرٍ كما يصلني عن لسانه عادةً..أستحضرُ صوت صديقه مرّةً أخرى:(ـ لا تصدّقيه.. ليس بخير.. إنّه يمثّل فقط.. صمتٌ دائم.. زفير طويل وكأنّها الأنفاس الأخيرة.. وعصبيّة مفاجئة لأسخفِ الأسباب واعتذارات كثيرة لا مبرّر لها.. صدّقيني.. ما زال في دائرتك ولن يخرج منها في الوقت الراهن على الأقلّ)… تقتاتُ دمعتيّ العصيّة من رجفة الغصّة الّتي أحدثها المشهد الأسود قبل قليل.. ثمّ أردّد:(ـ مازال في دائرتي ولن يخرج منها؟؟؟ إنّه يحاول الخروج على الأقلّ.. بينما انا لاأزالُ أتمسّك بمركزها وكأنّها الكون). قلبي الأبله أمر قدمَيَّ بالتّوقّف والاستدارة..لم أكن أعلم أنّ لقلبي عينٌ في الخلف.. فعلى ما يبدو رآهُ مع شقرائه مقبلاً نحوي بابتسامةٍ أرى من خلالها صديقه وهو يقول:(ـ لا تصدّقيه).. أقف لأستحضر ابتسامة أنا الأخرى ولكن لا أدري أين أجدها الآن:(ـ أراكِ هنا.؟.!. أيّ صدفة هذه؟؟ عسى أن تكون خيراً).. في الصّميم.. إنّها قاتلة.. تماماً أسفل ومنتصف الهدف بدقّة متناهية.. أرى الشّياطين الآن مقبلة نحوي وأنا الّتي عقدتُ حلفاً مع الملائكة طويل الأمد.. لا مكان للملائكة الآن.. يتلبّسني اوّل شيطانٍ يصلُ إليّ حين سألتُه:(ـ صديقة جديدة؟؟).. يمتصّ شفته السّفلى علّها تنقذه بجواب.. شيطانٌ آخر اعتلى لساني حين وجّهْتُ سؤالي لها وكأنّني ألتوي كالأفعى:(ـ هل تعرفين من أنا؟؟) تجيبُ بثقة المرأة الّتي أدركت اللّعبة:(ـ طبعاً.. أنتِ صديقتُه القديمة)..شيطانٌ ثالث يطلقُ لضحكتي عنانها:(ـ صديقةٌ قديمة؟؟؟ مسكينةٌ أنت).. كان يتابعني بجنون.. لم أرهُ سعيداً منتشياً منتصراً كما الآن.. أعاود النّظر إليها وأنا أقول:(ـ إذاً راقبي جوّالهُ الآن وتأكّدي من صلاحيتي لديه).. يتأمّلني بعينين ترجو ألّا أفعل.. ثوانٍ وتنطلق النّغمة الّتي خصّصها لي منذ زمن ( كلّن عرفوا إنّك إنتَ بروحي شريك.. كل ما حكيوا عنّك بشوف حالي فيك..شو بيغاروا منّك.. حبيبي لأنّك.. ساكن جوّا بقلبي وبقلبي مغفّيك)… تلتقط شقراؤه الجوّال بعصبيّة لتقرأ اسمي الّذي دوّنه على الشّكل التّالي:(ـ مليكتي اللّازورديّة تتّصل بك)..وأتركهما.. لأمضي إلى منزلي أنتظرهُ هناك.. فهو لن يتأخّر..

 

اترك رد