أزمة البيجر والميجور والمجر والنيجر !! أحمد الحاج جود الخير

منبر العراق الحر :

أحداث كثيرة تلك التي رافقت وسبقت وتلت فاجعة البيجر في لبنان ، فبعد سويعات على انسحاب القوات الامريكية بكامل معداتها العسكرية من دولة النيجر الافريقية بحسب فرانس برس، بالتزامن مع اعلان البنتاغون عن انسحاب حاملة الطائرات “تيودور روزفلت”الداعمة للكيان الصهيوني من الشرق الأوسط في خطوة مفاجئة تشي بسلام هش، وبهدوء حذر مخادع يسبق العاصفة وبما شبهه مراقبون بـ “حصان طروادة”، ذلك الطعم التاريخي الذي رافق انسحاب السفن المحملة بالمحاربين آنذاك وفي خطوة مماثلة من قبل الاسبارطيين لخداع الطرواديين واغرائهم بأكل طُعم – الحصان المفخخ بالمحاربين الاشداء المختبئين داخله – وكان سببا في هلاك طروادة ونهايتها والى الأبد، رافقها اعلان وزارة الأمن القومي الصهيونية عن تعيين العميد أمير أرزاني،وهو المتهم الأول باقتحامات المسجد الاقصى،قائدا لشرطة القدس مع ترقيته إلى رتبة لواء = major general،كذلك تعيين العميد موشيه بينشي،وهو السكرتير الأمني للمتطرف الصهيوني المعروف ايتمار بن غفير،رئيسا لمنطقة الضفة الغربية مع ترقيته الى رتبة لواء = ميجور جنرال،بحسب صحيفة هآرتس الاسرائيلية، كل تلكم الاحداث الكبيرة والمتغيرات الجسام قد حدثت قبل سويعات من فاجعة البيجر في لبنان،ولم يخطر ببال مخلوق على سطح الكوكب الأزرق بأن فيلم”Jackpot”الامريكي المندرج ضمن قائمة أفلام الكوميديا السوداء وقد بدأ عرضه عبر خدمات البث الفيديوي”أمازون برايم فيديو”منتصف آب الماضي 2024،وهو من بطولة أوكوافينا،وجون سينا،وتدور أحداثه حول جائزة يانصيب كبرى بمليارات الدولارات تتطلب قتل الفائز بالجائزة قبل غروب الشمس للحصول على جائزته بدلا منه ، وفيه مقطع خطير يتضمن”توجيه رسالة مشفرة”الى أجهزة الموبايل بالتزامن وذلك لتفجيرها بكل حامليها في وقت واحد” ليتحول الفيلم الى حقيقة واقعة في جنوب لبنان بعد شهر واحد فحسب من بداية عرض الفيلم وبما يثير العشرات من علامات الاستفهام والتعجب، ولا يختلف الحال مع فيلم “كينغزمان”الشهير وهو من انتاج عام 2014 وتدور أحداثه حول توزيع بطاقات SMS مجانية لدخول الانترنيت علاوة على زرع شرائح الكترونية بين الناس من قبل ملياردير مصاب بجنون العظمة لتحفيز الجانب العدواني لديهم عند الحاجة من خلال هذه الشرائح والشيفرات،وليقتل بعضهم بعضا،اضافة الى تفجير من يراد تفجيره والتخلص منه عن بُعد بهدف السيطرة على الجميع كليا !!

و يبدو جليا وأنا متابع شره للسينما العالمية بأن خيال كتاب الأفلام السينمائية الخصب، كذلك كتاب الروايات البوليسية والرعب والخيال العلمي أسوة بكتاب السيناريوهات قد ألهب خيال قادة أجهزة المخابرات الدولية وأثار حماسهم وبالاخص جهاز الشاباك وجهاز الموساد الصهيونيين،و CIA الأمريكي، وM16البريطاني،والأمن الفيدرالي الروسي FSB،والاستخبارات الألمانية BND ، والأمن الصيني MSS، فالكثير من السيناريوهات السينمائية قد تحولت بالفعل الى واقع حال معاش منذ انطلاق سلسلة أفلام العميل البريطاني السري ( 007) أو جيمس بوند، التي ابتكرها الروائي إيان فليمنغ ، عام 1953 لتصبح أيقونة أفلام الجاسوسية حيث الجنس والاثارة والاكشن علاوة على الابتكارات التقنية المدهشة ، والمعدات الجاسوسية المذهلة !

 

تمهيد واستعداد

العجيب أنه وبعيد عملية البيجر ، والوكي توكي اللبنانية ،بـ 48 ساعة فقط أعلنت شركة “ستارلينك” في تغريدة لها عن منصة اكس وكلاهما مملوك للملياردير الأمريكي إيلون ماسك، إطلاق خدمتها للإنترنت الفضائي في اليمن ليكون بذلك البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي تتوفر فيه خدمة ستارلينك بما فيها خدمات بيع الأجهزة وتفعيلها وتسديد رسوم الاشتراك والدعم الفني المباشر” في خطوة أغضبت الحوثيين كثيرا ولأسباب عدة لا مجال للخوض فيها هاهنا ، لعل من أبرزها هو سيطرة الحوثيين على منظومة الاتصالات ، وخدمة الانترنت في كامل اليمن!

أما ما سبق عملية البيجر فتمثل أخطره بموافقة الكيان الصهيوني اللقيط على خطة في الشمال ( = جنوب لبنان ) لاعادة سكان الجليل الاعلى الى مناطق سكناهم وذلك من خلال توجيه ضربة عسكرية لحزب الله اللبناني تمهد لتراجعه الى ما بعد نهر الليطاني بكيلومترات عدة مع احتلال شريط داخل الاراضي اللبنانية المحاذية للكيان الصهيوني، ولم يخطر ببال أحد بأن العملية ستستهل بتفجير المئات من أجهزة الاستدعاء اللاسلكية المعروفة بـ “البيجر” غير المتربط بشبكة الانترنت ، ولا بـنظام التموضع العالمي GPS تزامنيا وفي وقت واحد ،عبر رسالة مشفرة واحدة، ولاسيما وأن البيجر يعد جهازا قديما بلا كاميرات ، ولا أجهزة صوت داخلية ويعتمد على آلية التنبيه ، وارسال الرسائل النصية فحسب ليستخدم على نطاق ضيق جدا داخل المستشفيات وبعض الدوائر والمؤسسات الأهلية والحكومية وبالاخص في حالات الطوارىء والمناطق التي تفتقر الى شبكات الاتصال والتواصل الحديثة، هذا الحادث المفجع وإن كان قتلاه لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة إلا أنه تسبب بأكثر من 3000 اصابة، العشرات منها في حالة حرجة للغاية ومعظمها كانت في اليد أو البطن أو الوجه أو العين علاوة على كشف الحادث عن هويات المئات من عناصر حزب الله بعد اصابتهم وتصويرهم وتدوين أسمائهم وعناوينهم داخل المستشفيات التي نقلوا اليها لغرض اسعافهم وعلاجهم،زيادة على ذلك فقد احدثت الكارثة خللا كبيرا في أساليب وطرق التواصل بين عناصر الحزب الميدانيين وقياداتهم في هذا التوقيت الحساس بالذات.

الأدهى من ذلك أنه وبعد 24 ساعة من تفجير أجهزة البيجر التي فخخها الكيان قبل وصولها إلى لبنان وفقا لصحيفة نيويورك تايمز الامريكية ، وإذا بسلسلة من التفجيرات المروعة تطاول هذه المرة أجهزة اللاسلكي من طراز (وكي توكي أيكوم v82 ) ياباني الصنع، ما أسفر عن اندلاع حرائق في 60 منزلا والعديد من المركبات وفقا للدفاع المدني اللبناني ، اضافة الى وقوع 464 ما بين شهيد وجريح تركزت في جنوب لبنان ومنطقة البقاع ، فيما توجهت أصابع الاتهام الى وحدة الحرب الالكترونية الصهيونية السرية “شموني ماتايم” الشهيرة بـ الوحدة 8200 ، كل ذلك يأتي بالتزامن مع اعتماد الامم المتحدة قرارا حظي بدعم 124 دولة ومعارضة 14 أخرى وامتناع 43 دولة عن التصويت يطالب الكيان الصهيوني المسخ بإنهاء وجوده غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال عام واحد بحسب قناة “القاهرة الإخبارية” في حين أعلنت رئاسة مجلس الأمن الدولي عقد اجتماع يوم الجمعة لبحث انفجارات أجهزة الاتصال اللاسلكية في لبنان، بحسب “إكسترا نيوز” .

شركة “غولد أبوللو” التايوانية المتخصصة بتصنيع أجهزة “البيجر” قد نحت باللائمة على شركة “بي إيه سي” المجرية في العاصمة الهنغارية بودابست ولديها ترخيص لاستخدام العلامة التجارية للشركة التايوانية ، فيما يجمع المراقبون على أن هناك جملة من العوامل التي سرَّعت من وتيرة اطلاق عملية تفجير البيجر والوكي توكي قبل أوانها، أحدها هو الصاروخ اليمني فرط صوتي ” فلسطين 2″ الذي أطلقه الحوثيون على تل ابيب قبل ساعات من الفاجعة اللبنانية ، الأمر الذي تسبب بخيبة أمل كبيرة في الداخل الاسرائيلي مشفوعة بشكوك في قدرات منظومات الردع الصاروخية المتمثلة بالقبة الحديدية ومنظومة حيتس ومقلاع داود ،الأمر الذي تطلب ردا صهيونيا فوريا من شأنه رفع المعنويات ، واعادة الاعتبار ، واضافة الى زيارة المبعوث الامريكي للمنطقة، فإن شكوكا كان قد رفعها عنصران من حزب الله اللبناني تتحدث عن وجود خطر محتمل من استخدام جهاز البيجر ، قد سرَّعت من وتيرة العملية ، بينما وجه يوسي ميلمان، أحد مؤلفي كتاب “جواسيس ضد الكارثة” بحسب بي بي سي،أصابع الاتهام الى “الموساد”.

 

تكهنات ما بعد وقوع الفاجعة

بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” فإن أجهزة البيجر التي انفجرت كانت جزءاً من شحنة جديدة وصلت إلى حزب الله مؤخراً كبديل تكتيكي عن الهواتف المحمولة التي أصبحت عبئا حقيقيا وتسببت باغتيال العشرات من عناصر الحزب وقادته الميدانيين إما عن بواسطة” موجات كهرومغناطيسية ” وجهت مباشرة وضمن حيز معين فزادت من درجة حرارة بطاريات الأجهزة ولاسيما بطاريات ليثيوم ايون، ليثيوم بوليمر ، القابلة للاشتعال والانفجار، وإما بواسطة عبوات ناسفة صغيرة تقدر بـ 60 غراما وضعت الى جانب البطاريات أثناء عملية انتاجها، أو خلال عملية توريدها وقبل وصولها الى لبنان ، بوجود طائرات الدرون الصهيونية، والاقمار الصناعية ، وبرنامج بيغاسوس الاسرائيلي المتطور والمخصص لاختراق الهواتف الذكية لأغراض التجسس والرصد والتتبع،أما وكالة “أسوشيتد برس” فقد كشفت عن تزويد الأجهزة ببطاريات الليثيوم المعروفة بكفاءتها العالية مع حساسيتها إزاء التسخين المفرط !

ومهما يكن من أمر فإن فاجعتي البيجر والووكي توكي اللبنانيتين ستفتح الأبواب على مصاريعها لسلسلة طويلة جدا ، ومعقدة للغاية من عمليات التصفية والاغتيال والترويع عبر الاجهزة الذكية والغبية على سواء، لتضاف الى كوارث الجنس المحرم ، وفوضى الابتزاز الالكتروني ، وسرقة البيانات وانتهاكات الخصوصية ، كذلك حمى التنصت والتجسس والتنمر ، علاوة على ظاهرتي الهاكرز والكراكرز فيما ستفتح شهية الشركات العالمية المتخصصة بالصناعات الإلكترونية للسباق والتنافس المحموم فيما بينها لإنتاج أجهزة حماية وتوفير برامج وخاصيات أمان جديدة فعالة وغير مسبوقة لمنتجاتها الرقمية كافة ، بخلاف ذلك فإن الاجهزة الذكية برمتها قد تلوثت سمعتها وأصيبت بمقتل ولن يثق مخلوق بعد اليوم بأي جهاز رقمي حديث بما فيها الهواتف الذكية ، وكاميرات الدرون، وأجهزة اللابتوب، والايباد،والنظارات الذكية، وأجهزة الألعاب المحمولة ومعظمها يعمل ببطاريات الليثيوم أيون، الليثيوم بوليمر، والنيكل كادميوم،والنيكل هيدروجين و أشباهها ونظائرها من البطاريات القابلة للتسخين الخطر عن بُعد عبر رسائل نصية مشفرة أو بموجات كهرومغناطيسية موجهة لغرض ما ، ولعل الفائدة الوحيدة المترتبة على انهيار وسقوط منظومة الهواتف النقالة هي العودة الى الهواتف التقليدية والبدالات الارضية أيام المكالمات السلكية الجميلة ، اضافة الى التخلص من المحتوى الالكتروني الهابط والخابط .

وأختم بأخطر عمليات الاغتيال بالهواتف ، الأولى نفذها الموساد الصهيوني عام 1972 حين فجر جهاز الهاتف الارضى الخاص بممثل منظمة التحرير الفلسطينية في فرنسا ، محمود الهمشري،كذلك اغتيال القيادي في حماس،يحيى عياش، في كانون الثاني عام 1996 من خلال تفخيخ هاتف الموتورولا الذي انفجر به أثناء مكالمة خارجية تلقاها من أقاربه ، ولم يختلف الحال مع الرئيس الشيشاني الأسبق جوهر دوداييف ، الذي اغتيل في نيسان من عام 1996 جنوب الشيشان بصاروخ روسي موجه أطلق من طائرة حربية طراز سوخوي 25 باستخدام نظام “إيشلون” التجسسي بالتنسيق مع وكالة الاستخبارات الامريكية ، وذلك أثناء إجراء دوداييف لمكالمة هاتفية عبر هاتف حصل عليه عبر وسطاء من تركيا يعمل بالأقمار الصناعية .اودعناكم اغاتي

 

اترك رد