العراق يتنفّس بالأحزاب ….عزيز حميد مجيد

منبر العراق الحر :

التحزب و التكتل و التحالفات و و التمذهب و العشائريات و المؤآمرات هي ديدن السياسة في العراق .. ذلك هو الواقع السياسي الذي عرفناه منذ تأسيس الدولة العراقية بل و قبل ذلك من زمن الجاهلية و حتى قبله, لأن الدولة كانت تتشكل بإسم العشيرة التي تحكم كآلمناذرة و الغساسنة و الحميرية و النصيرية وووو…إلخ, لأن المفكر و آلفيلسوف و المثقف و نظرياتهم, لا قيمة ولا مكانة لها بين الحكام و الاحزاب و الناس طبعا, بل يتم نبذهم و حصرهم و محاصرتهم حتى الموت أو التشريد و الأبعاد ليبقى الناس يعيشون الجهل بغيابهم فيسهل تسلطهم عليهم, لأنه – المفكر و الفيلسوف – هو الوحيد الذي يؤشر للحق و للمنهج الأمثل و لمواطن الخلل و الضعف و الفساد فيتحرز الناس من الفاسدين و من تلك الأحزاب و الساسة الفاسدين و بآلتالي يخسرون المال و المناصب ولا يستطيعون الإغتناء بسرقة الفقراء بسرعة و يُسر .

من جانب آخر نرى إن المجتمع العراقي, و معظم – إن لم نقل – كل المجتمعات – حتى انصاف المثقفين فيها لا ينتصرون للمثقف و المفكر و الفيلسوف و إذا أقام مفكر أو فيلسوف مركزا أو منتدى للفكر أو أقدم على مشروع ثقافي؛ فأن الناس و النظام عموماً لا يعيرون له أهمية .. لأعتقادهم بأن الفكر و الثقافة و الفلسفة لا تغني واقعهم .. و من هنا تبدأ المحنة و تتشعب المصائب لعدم معرفتهم بدور الثقافة و الفكر في المجتمع, فيستلمهم السياسيين – الاحزاب – ليسرقوهم لأنهم لا يعلمون أحابيلهم و نواياهم و خططهم في سرقة الأموال و كما حدث في العراق, حيث يهملون كل نشاط فكري و ثقافي و هذا واضح حتى في الجامعات و المراكز التعليمية و الأعلامية, فقد أرسلت قبل فترة بياناً على شكل مقال أعلنت فيه تأسيس مركز ثقافي , لكنلا أحد من المواقع أو الصحف أو حتى الأذاعات نشرت ذلك أو حتى أعلنت عنه , بينما لو ترسل لهم إعلانا بشأن تأسيس حزب أو منظمة سياسية و ما شابه ذلك؛ ترى الجميع يهتمون بذلك و ينشرونه , بينما لا يعد سوى تكتل لأجل زيادة أحمال و أعباء الفقراء و نشر الجهل بين الناس و كما فعلت جميع الأحزاب التي شاركت في العملية السياسية للآن .

قرأت اليوم إعلاناً عن تشكيل حزب جديد في العراق ليضاف إلى مئات الأحزاب الأخرى التي تشكلت قبل و بعد السقوط, ولا أحد كتب بحثا أو حتى تحليلاً على هذا الحزب سوى التالي :
أعلن أنور ندا اللهيبي مستشار رئيس مجلس الوزراء لشؤون المحافظات المحررة، تأسيسه حزباً باسم “وحدة أبناء العراق”، مؤكدا أن الغاية من تأسيس هذا الحزب الحفاظ على النظام الديمقراطي في البلاد.

والمقصود من مصطلح المحافظات المحررة هي تلك المحافظات ذات الغالبية السنية في البلاد، والتي فرض تنظيم داعش سيطرته عليها في أواسط العام 2014 قبل أن تتمكن القوات الأمنية العراقية مسنودة بالتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من استعادتها في عمليات عسكرية كبيرة دامت حوالي ثلاث سنوات.

وقال اللهيبي في بيان اليوم، إنه “انطلاقًا من مبدأ إنشاء دولة المواطنة القائمة على المؤسسات وتطبيق القانون، والداعية إلى نهضة اقتصادية وعلمية وثقافية وحضارية واجتماعية، شرعنا بتسجيل حزب (وحدة أبناء العراق)، واحدًا من الأحزاب العراقية المجازة والمسجلة وفقا لقانون الأحزاب السياسية النافذ”.

وأردف بالقول إنَّ “الغاية من تأسيس حزبنا هو الحفاظ على النظام الديمقراطي وحمايته، وتعزيز العمل السياسي وتقويته، وفقا لمبادئنا الأساسية القائمة على الإيمان بحب العراق ووحدته”.

كما أشار اللهيبي الى “الانفتاح على القوى الوطنية العراقية والعمل معها بما يخدم المواطن العراقي، فضلاً عن دعم السياسة الخارجية للدولة، بما يعزز سيادته ومكانته بين الدول، ووضع مصالح العراق اولاً وأخيرًا”.

ووفقا للبيان، فإن من “أهداف هذا الحزب العمل بروح الفريق الواحد بين أبناء البلد بكل دياناته ومذاهبه وقومياته وأطيافه والدعوة إلى التلاحم الوطني والاجتماعي، ومواجهة التحديات وتذليل الصعاب ، والسعي إلى ترسيخ أسس الحرية والمساواة في الحقوق والواجبات لجميع المواطنين أينما كانوا وحيثما حلّوا في أرض العراق”.

يشار الى أن دائرة الأحزاب والتنظيمات السياسية قد أعلنت تسجيلها 33 حزباً في آخر إحصائية لها للأحزاب المجازة في ممارسة العمل السياسي في العراق منذ التأسيس ولغاية شهر شباط2024.

لذلك فأن الوضع في العراق سيستمر مع الفساد ما لم يغيير الناس و في مقدمتهم الطبقة المثقفة و الأعلامية نهجهم و تعاملهم مع الفكر و المفكرين, لذلك لا يستطيع العراق العيش بدون تلك الأحزاب الشكلية و التافهة لأنه يتنفس بهم , و يا ليت العراق يحكمه حزب عادل همه الأول و الأخير هي العدالة التي بها يُقوّم المجتمع و تسود العدالة و الامان و الرفاه و تبنى به البلدان!؟

عزيز حميد مجيد

اترك رد