منبر العراق الحر :
ان إبعاد المرأة مصدر (الشهوات ) ! عن الرَجُلِ وسياسة عزل الذكور عن الإناث في المراحل الدراسية قد زادت من إشتعال الكبريت البعيد عن البنزين حسب مفهومهم ! والمغالاة في الخطاب الديني الرجعيّ زاد من الطين بلّة .
جميع الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية حين تكون غير حرة ستكون النتيجة بالتالي لا حرية للرجل قبل المرأة ، لو استطعنا تحرير الرجل اولاً !من جميع تلك الموروثات لأستطعنا بعدها تحرير المرأة ، فالرجُل الذي يعاني القمع والضعف أمام تلك السلطة الظالمة الضاربة للجميع نجده يخشى على ملكيته الخاصة ومن ضمنها المرأة .
فالأغلال التي وضعوها حول جسد المرأة ما منعتها من ممارسة ما تريده حتى لو كان من ضمنها الشذوذ الجنسي وكذلك ما منعت الرجل .
وذلك الخطاب في إتهام حواء بانها السبب في خروج آدم من الجنة ! وأصبحت بعد ذلك أصل لكل بلية ناهيك عن خروجها من ضلعه الأعوج ! ، جعلهما في صراع دائم بين الأصل الذكر والأنثى الفرع ! زاد ايضا من شق الخلاف بينهما .
مشكلتنا الحقيقية إننا نربّي بناتنا في سبيل الوصول الى الرجل بهدف الزواج ! أكثر مما نفكر في تطوير الشخصية لديهنّ وحرية المرأة بمفهومها السطحي حين تندرج من باب الإباحية والفساد ورجال دين لا يكلون من ترسيخها في أذهان الناس ليلاً ونهاراً . كل تلك الأسباب جعلت تداعياتها شاذة بالأفعال وزادت من وتيرة التحرش الجنسي من كلا الطرفين وبالتالي زادت ايضا من الشذوذ الجنسي .
في حين نجد ان بعض الحيوانات تتحول بقدرة قادر الى الجنس الآخر الغائب من المعادلة ، كما هنّ الدجاجات الإناث بمكان معزل عن الديك الذكر النتيجة تتحول احداهنّ الى ديك لتأخذ عنه جميع صلاحياته ، وكذلك في تجمع الاسماك من جنس واحد وغيرهم في عالم الحيوان .
إذاً إن فصل الذكور عن الإناث لا يزيد المجتمع إلا انحلالاً وشذوذاً . وحين نسمع ان الكثير من دول العالم المتحضرة قد منحت الحرية للجنس الثالث تقوم الدنيا ولا تقعد من تقوانا وإيماننا المغلوط ، ولو فكرنا بالموضوع من زوايا أخرى سنجد ان منح تلك الحرية هي مقيدة بسياسة عزلهم وتعريفهم للمجتمع اي كما يقول المثل وكم نبدع نحن بالامثال دون تطبيقها !
( لا تربط الجرباء قرب صحيحة خوفاً على الصحيحة تجرب )
والمثل هنا يضرب ولا يقاس .
فإن عزل هولاء بمجموعات قائمة بحد ذاتها وإبعادها عن المجتمع كي لا ينشروا ذلك الشذوذ في كل المفاصل وبطرقهم الكثيرة ومنها التحرش والإعتداءات الجنسية التي تحدث في الخفاء كما هو حاصل في العراق الان .
حين كانت في بغداد العتيقة مناطق معلنة للدعارة او أماكن أخرى للغجر كان الخراب بعيدا عن محلاتنا، في حين أصبحت الدعارة اليوم في البيت المجاور لبيوتاتنا وفي العلن والخفاء . وبالتالي أي نظام للتفريق او العزل او التشظي ما كان يوم علاجا بل اصبح داءً ابتدأ من عزل الذكور عن الإناث في المدارس او الجامعات الى ذلك الطمر الصحي ! بإعتقادهم لمناطق الدعارة .
لكننا نلاحظ الآن إن بعض الدول الإسلامية مثل إيران وباكستان ودول أخرى كثيرة قد عملت على إعادة تجميع الرذيلة أن رغبنا بتسميتها بهذا الأسم بمكان واحد ، وكذلك منحت الحق للأشخاص الراغبين في التحول الجنسي لإبعاد تسمية الجنس الثالث عنهم ، وعملت على مساعدتهم في إجراء عمليات التحول الى ذكر او أنثى ومنحهم هوية مدنية جديدة تساعدهم على البدأ بحياة اخرى ارتضوها لأنفسهم .
التحرش الجنسي أصبح ظاهرة بمجتمعنا فنجد على سبيل المثال بعض أصحاب المراكز العليا يمارسون هذا التحرش على الموظفة او الموظف الأدني منهم دون واعز او خشية والسبب هو هذا الموروث بعدم البوح عن الممنوع اي الجنس لانه سيكون وبالاً على المعتدى عليه دون المعتدي ! الذي سيخرج بالأخير منتصرا من هذه المعادلة .
فأكثرنا تربينا بمدارس مختلطة ومؤسسات مختلطة وكذلك مراكز ثقافية كان تعج فيها بغدادنا القديمة والعراق ولم نشاهد هذه الظاهرة مستفحلة بالمجتمع ولم اتعرض انا شخصيا لحالة تحرش ذكوري بل تعرضت بهذه الفترة من عمري لتحرش نسويّ بين نقاط التفتيش لموظفات يعملنّ فيها بين الطرق البرية او بين المطارات او مراكز التسوق .
إن عملية الإستغلال الوظيفي من قبل الجنسين لتفريغ ذلك الشذوذ وثقافة الكبت وتلك الموروثات المتناقلة وعدم البوح عن المحرم جعلت البعض وبحكم مسؤوليتهم الوظيفية العليا وبدون مراقبة الكترونية مثلا او وضع كاميرات جعلتهم بهذه المغالاة واستغلال الاخر . إن الضغط لا يولد سوى الإنفجار وعلينا تحمل شظاياه المرافقه له .
فالخطاب الديني بمفهومه الرجعي جعل من تلك الظاهرة آفة . علينا أن نعمل اولا بتحديد أين تكمن العلة في هذا الشخص الشاذ ومعالجة كل ظاهرة على حدة دون الأخرى ، قد يكون الخلل عضوي او هرموني ونساعده في إصلاح كينونته والإعتراف به بعد ذلك ،او معالجة الحالات الأخرى بطرق علمية ونفسية وبناء الطفل بشكل صحيح منذ نعومة اظفاره ، وجعله كائنا حرا بالتعبير عن ذاته والبوح بكل مكنوناته دون خوف من احد .
فظاهرة تحرش المرأة للمرأة وكذلك الرجل للرجل او العكس الرجل للمرأة وظاهرة التحرش المتزايدة من المرأة الى الرجل ! او إبتزازه بطرق عديدة ، ينبغي الاعتراف بها ومواجهتها سيكون هو الحل الأنجع .
لو فكرنا بمنهج دراسي حول الثقافة الجنسية في سنوات المراهقة الأولى وبشكل علمي ونفسي مدروس سنجعل من هذا المراهق يكتسب تلك الثقافة بعيدا عن الاكتساب المغلوط لها من المحيطين به .
وفي الختام .. الذين يقولون ان زيادة حالات التحرش او الشذوذ الجنسي سببه التطور في وسائل الاتصال بين البشر ،عليهم أن يعلموا السبب الحقيقي لهذا الإنحلال ليس هذا بالضبط لانه كما ذكرت كان موجودا سابقا ولكن التكنولوجيا جعلته ظاهرا للعيان بعد أن كان يُمارس في الخفاء . فالذي يجعل من التطور هو شماعتهُ لكل خراب يحدث في المجتمع فهو واهم بكل تأكيد .
منى الصرّاف / العراق