منبر العراق الحر :
الثعالب تعرف العوم ولكنها لاتحب الماء ، لهذا هي نادرة في تجوالها بين القرى ،ومتى اختفت دجاجة شعر أهل القرية أن الثعالب قريبة وقد يكون واحد أو اثنين ، ولهذا كنا في بعض المرات نتسلى بصيدها ونصب الفخاخ لها ، وفجاة حزنت لأننا نقتل الثعالب البريئة ، لهذا لعنتها تطارد قاتليها ، وبعيدا من هذه الرؤيا شعرت أن احد زملائي في المدرسة انسجم تماما مع رواية لورنس ، وربما راح يتخيل وجه رسامته في وجوه من وجوه ابطال الرواية واضاف شيئا من سريالية خيال قراءته أن جمع وجه فريدا بوجه الثعلب عبر مشاعر الحزن ورسم لوحة بورتريه لوجه فنانته المكسيكية وهي في وضع بورتريه والثعلب يجلس على ركبتيها . واخبرني انه يشعر ان هذه اللوحة ستكون التعويذة التي تبعد الثعالب عن قريتنا ، فلا تموت هي ولانموت نحن .
الآن وانا اعيش ذكريات زمن الثعالب المقتولة في ليل الأهوار ، والتي اصبحت بعيدا عند مطافات ما تجلبه الذكرى من من تصاوير وحكايات لرفقة الطيبين ، بعضهم تمت دعوته لخدمة الاحتياط وخدم الجندية بسلام والبعض الآخر راح ضحية رصاصات القنص او جراء لعنة قتلهم لثعالب الليل التي كان يخدعها رائحة علب اللحوم المعلبة التي نجلبها من المدينة طعاما لنا حين نسأل اكل القيمر ظنا منها انه لحم دجاج .
تلك الحياوات التي تقف كثيرا وتحسب المكان بنظرات حادة ، لكن الرصاصات اسرع من نظراتها فتموت وهي تشعر أن الدجاج انتصر عليها وخدعها من خلال لحم معلبات وليتها فكرت جيدا لتعرف ان المعلمين وجنود الربايا ليست لديهم أقنان دجاج.
ذهبت تلك الايام ولم يبق منها سوى رسائل ثم انقطعت تماما عدا رسائل صديقي الرسام البصري وهو يتحدث عن حالة غريبة تسكنه بعدما كانت الحرب تسكنه وتشغله عن هذا عندما اخبرني أن وجه فريدا يسكن احلامه وحياته ، وأن الشظية الناعمة التي سكنت رأسه من احدى قذائف الهاون تصنع لديه صداعاً حاداً ولا يقبل الجراحون إزالتها بعملية جراحية خوفا على حياته.