“سوريا بعد سقوط الأسد: بين فجر جديد وشبح الانقسام”…. ناجي ألغزي

منبر العراق الحر :
في لحظة فارقة من التاريخ السوري، أُسدل الستار على عقود من حكم عائلة الأسد بعد هروب الرئيس بشار الأسد إلى خارج البلاد، مُنهياً حقبة طغت عليها الاستبداد والقمع. انهيار النظام السوري لم يكن مجرد حدث سياسي، بل هو زلزال اجتماعي وسياسي سيُعيد رسم مستقبل البلاد لعقود قادمة.
المعارضة في مواجهة اللحظة التاريخية
مع سقوط النظام، تواجه المعارضة السورية – بكافة أطيافها السياسية والعسكرية – اختباراً حقيقياً للوحدة والرؤية المشتركة. حتى الآن، لم يظهر توافق فعلي بين:
1. المعارضة السياسية داخل وخارج سوريا: التي تحمل رؤى متعددة للإصلاح وبناء الدولة، ولكنها تعاني من الانقسامات الداخلية.
2. قوات سوريا الديمقراطية (قسد): التي تُسيطر على شمال وشرق سوريا، وتركز على مشروع حكم ذاتي يثير جدلاً واسعًا بين الأطراف السورية.
3. المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام (أبو محمد الجولاني): التي تحاول تقديم نفسها كجزء من مستقبل سوريا، رغم خلفياتها الأيديولوجية المثيرة للجدل.
الهوة بين هذه الأطراف، خاصة مع اختلاف أولوياتها وأجنداتها، قد تجعل من الصعب تحقيق توافق سريع حول المرحلة الانتقالية.
التحديات التي تلوح في الأفق
1. فراغ السلطة: انهيار النظام خلف فراغًا سياسيًا وأمنيًا، مما يفتح الباب أمام تنافس القوى المختلفة للسيطرة على الأرض.
2. غياب رؤية موحدة: انعدام الإجماع بين الأطراف المعارضة يهدد بإطالة أمد الفوضى.
3. التدخلات الإقليمية والدولية: من المرجح أن تزداد التدخلات الخارجية، حيث تسعى القوى الإقليمية والدولية إلى حماية مصالحها في سوريا، مما قد يعقد عملية بناء دولة مستقلة ومستقرة.
سيناريوهات مستقبل النظام السياسي في سوريا
1. حكومة انتقالية جامعة: إذا تمكنت المعارضة من تجاوز خلافاتها، قد تُشكَّل حكومة انتقالية تُعيد بناء مؤسسات الدولة، مع وضع دستور جديد يضمن العدالة والمساواة.
2. تقسيم الأمر الواقع: إذا استمرت الخلافات، قد تُقسم سوريا إلى مناطق نفوذ تديرها أطراف محلية مدعومة خارجيًا.
3. صعود قوى متطرفة: الفوضى قد تفسح المجال لظهور حركات متطرفة تستغل غياب الاستقرار.
الفرصة الذهبية لبناء سوريا جديدة
على الرغم من التحديات الهائلة، فإن سقوط النظام يفتح نافذة أمل للسوريين لتأسيس دولة قائمة على العدالة والمواطنة. النجاح في هذه المهمة يعتمد على قدرة السوريين على تجاوز صراعات الماضي، والعمل معًا من أجل مستقبل مشترك.
إن سقوط الأسد قد أنهى عهد الطغيان، لكنه أيضًا يدق ناقوس الخطر. إذا لم تُدار المرحلة القادمة بحكمة وعدالة، فإن الأمل بسوريا حرة ومستقرة قد يتحول إلى كابوس جديد من الفوضى والانقسام.

 

كاتب سياسي

اترك رد