صدمة هلعيّة…وهروب.. سرد تعبيري…سامية خليفة

منبر العراق الحر :
ينضجُ الخيالُ كأنما الشمسُ تسلّلت بإشعاعاتِها بين أصقاعِه، فأنبذ الكآبةَ من وجودي، أدرك أن لا

شيءَ يستحقُّ أن يشوّهَ صفوةَ الرّوح، لا الموتُ الذي يصارعُ الحياةَ محدثًا من شظاياه ثقوبًا في

القلوب، لا الدموع المنافسة للضحكاتِ الحافرةِ على الوجوهِ أخاديدَ ومنحنياتٍ وأشباه خرائط، لا

الفساد المستكبر على فقراء يكيلُ عليهم الصفعاتِ حتّى وهم في أوْجِ البؤسِ والدمار، لا الليل المطفئ

لنهار يشعل الصّدورَ بنوايا الوصوليين والفاسدين المتسلّقين على أكتافِ العمّال المكافحين، متلقفين

لأرغفةِ كدّهم الممزوجةِ بالعرق، ينتزعون من أفواهِهم لقيماتِ الصّبرِ والكفاح بمكر وخداع. أنا الآن

هناك في جنتي التي ابتدعَها خيالي، حيث الكلّ سواسيةً، جنّتي تلك ستكون مرقدي الأخير الذي

اخترتُه أنا، فأنا الحالمةُ بالأمانِ والمحبّةِ والسلام، سأتركُ عالمَ الأضداد مع صراعاتهِ، يا للكون إنّه

عقابُ الإنسانِ الكبير! الهروبُ في أحلامِ اليقظةِ سعادةٌ لا تعوّض، رغم أنّ في الهروبِ استسلامٌ

ورفض للواقع، فهل ستنافسينني يا أجنّةَ البؤسِ على أحلامي؟ تُرى في أيِّ رحمٍ عاهرٍ ستولدين يا

أجنّةُ؟ ليتَكِ تتركينَني مع أحلامِ يقظتي وإن كانتْ مبتورةَ الجناحين أنعمُ وأنا في قوقعةٍ أتمتّع في

جنّتي، فإن أبيتِ ربما حينها سأدسّكِ، لا تحتَ وسادةٍ مهترئةٍ تتسلّلين من خروقِها، وإنما ها هنا في

كياني الجديد الذي سأبتكرُه، بعدما أنتهي من جمع شظاياهُ المشتّتة إثر آخرِ مشهدٍ أصابني بصدمةٍ

هلعيّةٍ لا شفاء منها ، مشهدٌ لأفواهٍ تئن في مسغبةٍ، أفواهٌ تشققتْ فأمستْ كما أرض بور، فكيف لا

أهرب بعد هذا المشهدِ؟ يا للإنسانيّة كم سحقتْها أقدامٌ وأقدامٌ تحت أحذيةِ من نصّبوا أنفسهم حماةً

للعدالةِ، فليسْقطوا هم وتمثالُهم الأخرقُ.
سامية خليفة/ لبنان

اترك رد