في لحن العشق الإلهي: مرايا الوجد وأصداء الفناء… سوسن العبد

منبر العراق الحر :
في القلبِ نجمٌ سقط،
لكنَّه لم ينطفئ،
بل صار طريقًا إلى السماءِ،
تتوهجُ به خطواتُ الباحثين
عن سرِّ البدايةِ والنهاية.

وفي العينِ بريقٌ لا يُرى،
إلا لمن غسله الحبُّ
من غبارِ الأيام،
وغمرته أنوارُ اللطفِ الخفيِّ
في لحظةِ انسلاخٍ عن الزمن.

أنتَ الذي لا تراهُ العيون،
ولا تُدركه الظنون،
لكنَّ النيلَ يعرفكَ،
وصمتُ الصحراءِ يُنشدُ حضوركَ،
وحين يُراقصُ الدرويشُ ظلالَ الليل،
يراكَ في كلِّ دورانٍ ووجدان،
وينثرُ مع خطواتِه
حبًّا لا ينتهي.

أنتَ الشروقُ في المغيب،
وأنتَ الزرعُ الذي ينبتُ
في قلبِ الأرضِ الجافة،
والماءُ الذي يرويها،
وأنتَ النخلةُ التي لا تنحني،
تُعانقُ السماءَ رغمَ الرياح.

أهيمُ بكَ كما يهيمُ الطيرُ
في حضرةِ الغيم،
تُحلِّقُ بلا وطن،
لكنَّها تجدُ فيكَ سماءً
لا نهايةَ لها.

لم أجدكَ في الزمانِ ولا المكان،
بل في هديرِ الرياح،
وفي صمتِ الجبال،
وفي كلِّ قطرةِ مطرٍ،
تطرقُ نافذةَ الروح
لتهمسَ باسمكَ الخالد.

لا أدري إن كنتُ أنا العابدة،
أم أنكَ الساكنُ في أعماقي،
لأنني حين أفنى فيكَ،
أذوبُ كما تذوبُ الشمعةُ
في حضرةِ اللهب،
ولا أعودُ كما كنتُ،
بل أصيرُ ما لا يُقالُ عنهُ كلام.

سأظلُّ أبحثُ عنكَ في كلِّ خطوة،
في همسةِ الريح،
وفي حفيفِ الأوراق،
وفي عيونِ الأطفالِ
الذين يولدون بنقاءِ الغيم.

أنتَ بدايةُ النهاية،
ونهايةُ البدايةِ التي لا تنتهي،
وأنتَ السرُّ الذي يلتفُّ
حول الروح،
ليُعيدَ خلقها في كلِّ لحظةٍ،
كما يُعيدُ الفجرُ خلقَ النهار.

كلما أفنيتُ فيكَ، وجدتك فيَّ،
أنتَ سرُّ الحياةِ المتجددة،
وحبُّك هو الطمأنينةُ العميقةُ،
سلامٌ يغمرُ الروح،
وأنسٌ لا يزولُ،
وسكينةٌ تُعيدُ ترتيبَ الفوضى
في داخلي.
سوسن العبد

اترك رد