اهل الأهوار واغنية يانجمة ( لحسين نعمة ) ….نعيم عبد مهلهل

منبر العراق الحر :

في سنوات الحصار كنت التقي وصديقي الشاعر الراحل كاظم الركابي الذي كتب اغنية ( يا نجمة ) والتي غناها صديقي الفنان الرائع ( حسين نعمة ) ، حيث التقي وكاظم الركابي كل يوم تقريبا ، ويبدو أن كاظم الركابي أراد أن يبحث بعد يا نجمة عن نصٍ غنائي يرتقي به الى تلك الومضة الساحرة التي دفعت ريكان عامل الخدمة في مدرستنا ليسمي اخر اولاده من البنات بأسم ( نجمة ) عندما كان يشاركنا ليالي بهجة سماعها يوم اشتهرت الاغنية ومطربها .
عشق اهل القرية هذه الاغنية واصبحت من بعض سمفونيات اعراسهم بعدما صاروا يسمعونها في الليالي التي كنا نختلي فيها بالراديو مع حنيننا ، وكانت اذاعة صوت الجماهير تبثها اكثر من مرة في الليلة الواحدة ، ليس من اجلنا بل من أجل أن يزرعوا الاشتياق في قلوب الجنود الذين يتعلقون بحبال القدر فوق ربابا قمم الجبال العالية ويشدهم امل الوصول الى بيوتهم سالمين .
صعد نجم ( حسين نعمه ) مع هذه الاغنية وتحول من معلم فنية ، وملاكم هاو الى اسم تتداول نجمته العيون ولهفة السماع وليتحول صوته الى ظاهرة جديدة دلفت الى بوابة اغنية السبعينيات لتثرينا بصدى اغنيات اخرى كانت تشحن في ليل الاهوار نمطا موسيقا لم تألفه من قبل تلك الاغاني التي يسيطر عليها الحزن الابوذية والنحيب الذي تنشده حناجر الصيادين ورعاة الجواميس والامهات اللائي يؤتى بأبنائهم ضحايا لحروب الربايا التي كانت اذاعة بغداد تبث لهم اغنية (يا نجمة ) اكثر مرة في اليوم لتشحذ فيهم الهمة وتبقيهم صابرين حتى لو تأخرت اجازاتهم الدورية اكثر من الشهر وكأنهم يأخذون بمقولة لجان بول سارتر : انهم يتعمدون تأخير اجازات الجنود حتى لا يعودوا في التحاقهم بمعنويات ادنى.
اليوم في امكنة الهجرات اسمع ان حسين نعمة يقيم حفلة في العاصمة السويدية ستوكهولم ، فكم كنت اتمنى لأرى صديقي القديم والذي كان يمازحنا بمرحه يوم يأتي لزياره جده العراف وقارئ البخت المرحوم ( سيد سريح ) ، لكن الفرصة لم تسنح لي بالرغم من أننا حين نلتقي في محطات الحياة بين حين وآخر نتواعد على لقاء ما في اوربا.
كتب كاظم الركابي الاغنية ، وغرق في موجة ضحك عندما اخبرته ذات يوم أن احد تلاميذي من ابناء الاهوار في الصف الخامس الابتدائي في مدرسة البواسل أجابني عندما كنت اسألهم عن الاغنيات التي يحبوها ، ومن شدة شغفه بأغنية حسين نعمه قال : احب اغنية يا نعمة لحسين نجمة .
وقتها ضحكنا ، وقال المرحوم كاظم الركابي لو يسمعك الآن حسين سيزعل ، فالشهرة وبعض طباعه الحاده تجعله غاضبا ولا يخشى ذلك حتى يصل به الأمر ليسب المسؤولين.
أغنية حسين نعمة ، واحدة من ظواهر الذكريات التي كانت هناك ، وهنا يحل مطربها ضيفا في العاصمة السويدية التي يهاجر منها اسراب السنونو هاربا من ثلج شتاء المدينة الى دفء الاهوار ، وحتما هو من يرحب بقدوم المطرب العراقي في مجيئه الى السويد لأنه يعرفه جيدا يوم يأتي الى دفء الأهوار ويسمع بأصغاء الى اطفال الاهوار هو يدندنون بأغنية ( نعمه ) للفنان السومري حسين نجمة …!
قد تكون رسمة

اترك رد