حكاية العشب الذي لم يُدهَس….افين حمو

منبر العراق الحر :
كانوا يقولون:
“النساء كالعشب،
ما ان تُعلن عن خصوبتها حتى تطاها الأقدام ”
لكنني ظللت نبتةً
لم تطأها الأقدام
حقلًا ملغما لم يمرَّ به أحدٌ
سوى الريحِ
وأوهامِ الفاتحين.
في العاشرة
رأيتُ النساءَ يقدنَ إلى الأقفاص
ينتظرن أن يُسمَّينَ
بأسماءٍ أخرى
أن يُحملنَ كحقائبَ
إلى جهاتٍ لم يختَرنَها
رأيتُهنَّ يخترعنَ قصائدَ
عن الحبِّ
كي يغطين بها آثارَ السلاسل
بينما كنتُ أُدرّب شفتيَّ
على الصمتِ
كآخرِ جدارٍ
لم تُعلَّق عليه لافتةُ البيع.
في العشرين
كنتُ أمارس الفقدَ كرياضةٍ يومية
أفتشُ في جسدي عن اسمٍ
لم يُنقَشْ بعدُ
أتحسّسُ نهديَّ
كما يفعلُ نحاتٌ خائفٌ
من أن يُفسدَ الحجر
كنتُ أراقبُ المرآةَ
كمن تترقّبُ رسالةً
لن تصلَ
وأدركتُ أنني بقيتُ
قصيدةً بلا هامش
حكايةً لم يقتحمْها الراوي.
لكنَّ المدينة كانت تختلقُ لي عاشقين في كل زقاق
كانت تحصي أنفاسي
كما يحصي المرابي ديونَه
كانت تُسمّيني
قبل أن أنطق اسمي
وتكتب فصولًا عني
في كتبٍ لم أفتحها
كنتُ أُراني في الشائعات
وجهًا بلا ملامح
حبرٌ على جسدٍ لم يُكتب.
في الثلاثين
تركتُ النوافذ مفتوحة
سمحتُ للريحِ أن تعبث بشعري
سمحتُ للعابرين أن يختلقوا لي أسماءً
كما يشاؤون
ضحكتُ
حين سمعتُ جارتي تهمس:
إنها ترفض الرجال
كأنها وُلدت من حجرٍ
لا من ضلع.
أمي…
إن متُّ
لا تبكي على طفلَتكِ
اكتبي على قبري:
هنا ترقدُ امرأةٌ
لم يمشِ فوقها أحد
لأنها كانت حقلًا
تسمع الأرضُ
أنينَ العشب الذي لم يُدهَس.
افين حمو

اترك رد