منبر العراق الحر :أمي ، أنجبت أحد عشر وليداً ، كنت أتاملها، لو كان حمل جميعهم متواصلاً لبقيت حاملاً لمدة عشر سنوات !، تعيش في جوفها جوقة من الصبية والبنات ، كأنّ رحمَها حديقة ٌمن جنان العرش ، وبدلاً من أن تُمنح عن كل مولود سنة إضافية لعمرها لتحظى بهدية وجودية بسيطة عبارة عن أحد عشر عاماً ، توفيت مبكراً بعد الستين بعام .
هذه القسوة الريفية والظلم البايولوجي ، يعطيانك انطباعا عن انواع الثقل الذي تتحمله المراة في اعلى صورها ، الام ، فالأم التي تلد البشر لادامة الوجود ، هي اقدس كائن ، قُدِست وعُبدت من شعوب الامس حتى من الرجال الذين اعتبروها الهةَ خالقة ، قبل ان يكتشفوا ان مياه ظهورهم سر ذلك . نوعان من القساوة تتعرض لهما المراة. الطبيعة والقانون ، الطبيعة وتشمل متكوناتها الخاصة، والقانون ويشمل الدين والاعراف والمجتمع . لكنها كأي فاعل انساني كانت شريكا متفوقاً ، مقاوما عنيدا ، صانع حضارة ومحررا للشعوب ورائدا مبتكرا في جميع الميادين ، بل ان أحطّ المجتمعات والعقائد سوءا تلك التي لاترى في المرأة غير كائن ٍضعيف تكميلي محدد الوظائف .
الاكثر سوءا من ذلك هو مجتمع النساء نفسه اللواتي عن دراية وعلم وتحليل وتثقيف يسوّقن الاهانة ويمجدن الخضوع والوضاعة امام مجتمع ذكوري مريض بالتمييز ، يهين البنات باحط الصفات. فيما اثبت العقل البشري انه بلاجنس ، حتى وإن كانت العواطف مشتعلة بين قلب الرجل المتوهج بحبها ، وحبها الذي نفخ في العدم فكان وجوداً.
عبد الحميد الصائح
