من هو المُثقف الحقيقي؟ فادية عريج

منبر العراق الحر :
في هذا السّيل الجارف من أدعياء الثقافة، أنقل جزء مما ذكره المُفكر المغربي محمد عابد الجابري، في كتابه “المثقفون في الحضارة العربية” إذ قال:
((عن المرجعية التاريخية للفظ “المثقفين”، التي ظهرت أول مرة في بيان نشرته جريدة لورو الفرنسية عام 1898 بعنوان “بيان المثقفين”، وكان موقعاً من مجموعة من المثقفين الفرنسيين من أمثال إميل زولا، و أناتول فرانس وغيرهما، يطالبون فيه بإعادة محاكمة ضابط فرنسي من أصل يهودي تمت محاكمته وإدانته عام 1894 بالتجسس لصالح ألمانيا، وأثبتت عائلته زيف الوثائق التي أدين بسببها، واتجهوا إلى الرأي العام الفرنسي لدعم قضيتهم، فتبناها هؤلاء المثقفون.
بعد صدور البيان انقسم المجتمع الفرنسي إلى معسكرين: مؤيد (التجمع الجمهوري)، ومعارض (الوطنيون)، وبعد صراع، تمت إعادة محاكمة الضابط وتبرئته.
إذن نحن هنا أمام تعريف المثقف، نقلا عن بيئته الأصلية بأنه:
ذلك الشخص الذي لا يكتفي بممارسة النشاط الفكري النابع من الوعي والفهم وسعة الأفق فقط، بل هو صاحب رسالة يبحث عن كشف الحقيقة، ويكون شجاعاً في الدفاع عنها.
أو بمعني أكثر دقة: المثقف الحقيقي هو من تتحول عنده الأفكار إلى نماذج ومُثُل ومبادئ لا تفرق بين عقيدة وعقيدة، أو لون ولون، أو جنس وجنس، أو توجه سياسي وآخر؛ بمعنى أن المثقف هو ضمير المجتمع، وهو المُعبّر عن آلامه وآماله، وحامل مشعل النور في سبيل البلوغ لنظام سياسي واقتصادي واجتماعي أكثر إنسانية وعقلانية.
بهذه الإحاطة بمعنى المثقف، سيتساقط كثير ممن ينتحلون لأنفسهم صفة مثقف في عالمنا العربي، أو ممن يمنحهم الناس تلك الصفة لمجرد شهادة علمية أو ربما منصب مرموق، أو تميز فني أو شهرة إعلامية. وقد تنطبق على كثير ممن يبدون بُسطاء وهم يحملون في أعماق بساطتهم صورة المثقف الحقيقي)).
فادية عريج

اترك رد