منبر العراق الحر :
وهكذا وعلى حين غرة صار ذباب وبعوض وعناكب الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي المحلية وبدعم غير مباشر من الوحدة الصهيونية “8200” علاوة على التمويل والتوجيه المباشر من بعض الجهات السياسية المغرضة التي تستخدم أمثال هؤلاء من خلف الكواليس بدراهم معدودات ومعظمهم من العاطلين والفارغين والمراهقين بغية تمرير أجنداتها ولتحقيق بروباغنداتها لأغراض التسقيط الشخصي أو السياسي من خلال التهريج وخلط حابل الحقائق بنابلها ، فأمسيتهم يظهرون لك من لا مكان وبالعشرات لتسفيه أي مقال ، أو برنامج رصين ،أو محاضرة قيمة ، أو حوار معتبر ليتجادلوا ويتشاجروا فيما بينهم – كشقاوات وفتوات وزعران أيام زمان – على أي شيء،وليتخاصموا في كل شيء وغايتهم صرف المتابعين واشغالهم عن فحوى اللقاء ورسالته ومضمونه كليا ،حتى وإن مات”الدالاي لاما”ومعظم جيل زد وألفا لا يعرفون ولايعلمون شيئا عن “الدالاي لاما ” أساسا فإنهم سيتجادلون فيما بينهم على سيرته ومسيرته،هذا يترحم ،وذاك يسخر، وآخر يعيد “قيء” بعض الأساطير والخرافات والخزعبلات ليجترها على رؤوس الاشهاد، لأن مشكلتنا الكارثية هاهنا باتت تكمن في أننا نترقب أي حدث محلي أو اقليمي أو دولي مهما كان تافها أو وضيعا أو بعيدا لنجدد الجدال البيزنطي العقيم فيما بيننا بشأنه متخذين من الحدث ذريعة لاجترار الخصام وإثارته وما يعقب ذلك ويصاحبه من نعرات وتشنجات واستعداء فوري للتاريخ تمهيدا لاستعدائه،ولا أستبعد على الاطلاق من ظهور مهرطق يومئذ زاعما بأن جد “الدالاي لاما ” الـ تاسع عشر كان عراقيا والدليل على حد زعمه هو ” كتاب الفتوش في محاسن المنبوش” المجلد العاشر ، ص 400 ،الطبعة 500 ،مطبعة التبت ،وكله ثقة بأن أحدا ممن سيتناقل أكذوبته الهزيلة المفضوحة تلك على عواهنها فضلا على فيله الطائر وما أكثر الفيالة التي يطيرها هؤلاء كحمام زاجل في سمائنا يوميا وعلى نطاق واسع سيبحث عن هذا الكتاب ، أو أن يتحقق من وجوده أصلا ، فضلا على التثبت من حقيقة وجود الصفحة والجزء الذي أحال المستمعين إليه أسوة بالطبعة والقصة والرواية التي – طيرها –وأطلقها مجيزا لنفسه الكذب البواح لخدمة الغرض المنشود،لأن الغرض الذي في نفسه ومن وجهة نظره المتهافتة هي غاية،أما الكذب فوسيلة للوصول إليها ولو بالكذب والإفتراء، ولعلمه المسبق بأن الذباب والبعوض والعناكب الالكترونية وأقرانهم لم ولن يبحثوا في حقيقة مئات – الفيالة – التي اطارها الموما إليه على مسامعهم طيلة عقود خلت ، ولأن جل من يروجون لمثل هذه الاشاعات لن يبحثوا عن حقيقتها ولا عن مصداقيتها ولا في مراجعها ولا من مظانها لكونهم إما من الأميين ، أو ممن لا يعلمون شيئا عن محتويات ومناهج وفصول كتبهم المدرسية والجامعية وهم مقبلون على امتحانات نهاية السنة فأنى لهم البحث عن المجلد العاشر ، في الصفحة 400 من الطبعة 500 الصادرة عن دار التبت للطباعة والنشر والتوزيع ، ولاسيما وأن المهرطق قد استبق اكذوبته ومهد لها تحسبا لكل هذه التساؤلات المنطقية بقوله” وهذا الكتاب مفقود حاليا لأن الماسونية العالمية قد أحرقت جميع نسخه ولم يتبق منها سوى بضع نسخ محفوظة في مكتبة الفاتيكان ومكتبة الكونغرس والمكتبة البريطانية اضافة الى خزانة متحف اللوفر” وقطعا لا وجود لكل هذا الهراء البتة إلا في بنات أفكار المهرطق وفي مخيلته المريضة، وما هي سوى – خرافة – أطلقها أحدهم ممن يستنشقون البدع والخرافات ،ويزفرون الأكاذيب وينتجونها صباح مساء وعلى عينك ياتاجر !
والحق يقال بأن بعضهم إنما يريد تشكيك عوام الناس بدينهم وصرفهم عنه وقد أدركت ذلك جليا بعد سنين من متابعة محاضرات ودروس بعض المهرطقين فضلا على متابعة الردود الغاضبة ، والتعليقات الساخرة ، والايموجيات الضاحكة ، ردا على مايهرفون بما لا يعرفون ، وصرت أعتقد جازما بأن العديد منهم”إنما يتعمد ويجتهد ويصر على سرد الخرافات والأساطير والقصص الباطلة التي لا أساس لها من الصحة ، وبما لم يرد في كتب التاريخ والتراث لا في صحيحها ولا في حسنها ولا حتى في ضعيفها ،ومعظمها موضوعات واهنة لم يقلها الأولون بتاتا ،ولم يتناقلها المتأخرون اطلاقا ، بل ولم يسمعوا بها يوما قط وبما لا يتوافق مع العقل والنقل جملة وتفصيلا ولاسيما ما يتعلق منها بفضائل بعض الأعمال والأفعال والأقوال والأمكنة والأطعمة والمأكولات والعصائر والمشروبات والفواكه والثمار مع ذكر الحسنات الهائلة المترتبة على بعض منها وبما يعرف بـ”اعلانات الباعة وأصحاب المهن والتجار أيام زمان ” وعلى الطريقة القديمة ، يوم كان من يريد الترويج لفاكهته أو عصائره أو بضاعته الكاسدة فإنه سرعان ما يخترع “رواية وهمية ” ومن دون سند يذكر، ولا الإشارة الى مرجع معتبر بشأنها ولا مصدر، لينسبها زورا وبهتانا الى أحد الصالحين وكلها تتغنى بفضائلها لتسويقها بين الناس ،وبعضهم كان يتعمد وضع المرويات الباطلة ليصرف الناس عن دينهم ويضحكهم بها عليه ويشككهم فيه بهذه الطريقة الخبيثة أو بتلك ،وليت هؤلاء قد تركوا الكذب على الدين، وانصرفوا بدلا من ذلك لذكر فوائد هذه الثمار والمأكولات والعصائر الطبية ومنافعها من المصادر والمراجع الطبية المعتمدة والدراسات العلمية الحديثة لتشجيع الناس على شرائها بدلا من اقحام الدين بالموضوع ولي عنق النصوص والآيات بشأنها، وليتهم لجأوا الى الترويج الاعلاني التقليدي الذي يغري المتسوق بشراء البضاعة وإن لم يكن بحاجة اليها وعلى طريقة تسويق الخمار الأسود على سبيل المثال وكان غير مرغوب به من قبل النساء عامة في العراق بخلاف الخمر البيض أو الداكنة أو الملونة ما خلا الاسود الذي ارتبط بالتعبير عن الحزن حصرا ، ليتفق تاجر الخمار مع الشاعر ” مسكين الدارمي ” لينظم له قصيدة عصماء في هذا الشأن لترويح بضاعته فكانت رائعة الدارمي التي عدت أول اعلان تسويقي معروف في التاربخ العربي كان نتيجته نفاد الخمار الاسود من الاسواق مع طلب المزيد والمزيد منه حتى اصبح لباسا لكثير من النساء والى يومنا هذا :
قل للمَليحة في الخِمارِ الأَسوَدِ ..ماذا فعلت بناسك متعبدِ
قد كانَ شَمَّرَ للصَلاة ثيابه ..حتىّ وقفت له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامه ..لا تقتليه بحق دين محمدِ
وعلى منوالها دعاية السبانخ المعلبة التي لم يكن يتقرب أحد منها لأنهم يفضلون الطعام الطازج على المعلبات المحفوظة بالمواد الصناعية فما كان من التاجر إلا أن اتفق مع الرسام الامريكي إيلزي سيغار، ليخترع له شخصية كرتونية هزيلة وضعيفة اسمها باباي ، بمجرد أن تتناول السبانخ المعلبة المستوردة حتى تتحول إلى شخصية أخرى شجاعة وقوية ولا يهاب أحدا قط ، ولو أراد هذا التاجر في بلادنا يومئذ الترويج للسبانخ المعلبة الكاسدة لاتفق مع أحد الأبواق الناعقة ليخترع له مروية وهمية لايجد حرجا من نسبتها الى أحد الصالحين وتحت شعار ” نكذب لهم لا عليهم ” وهي تتغنى بفضائل أكل السبانخ المعلبة وترصد لها الأجر الكبير غير المعقول ولا المقبول ولا المتناسب بالمرة نحو “من أكل نصف علبة سبانخ معلبة مستوردة كتبت له مليار حسنة ، ومحيت عنه مليار سيئة ،ودخل الجنة من أوسع أبوابها بغير حساب ،ولا سابق عذاب !” فما بالكم به لو أنه أكل العلبة كلها وتلاها بجمع – القواطي – ؟! والنتيجة الحتمية لكل هذا الهراء هي الأف مؤلفة من الساخرين و الممتعضين والمستهجنين أو من المبتعدين عن الدين بسبب هؤلاء ممن كرهوا الناس بدينهم وهو المطلوب في عرفهم اضافة الى السعي للربح المادي وتحقيق الشهرة على مواقع التواصل وتصدر الترندات ومحركات البحث !
بعض المهرطقين ومن وجهة نظري الشخصية بات يتعمد سرد القصص الباطلة والموهومة ويصر على سردها ليضحك الناس على الدين الحنيف وعلى مذهب معتبر ما أو قومية محترمة ما أولا ،وليصرف جيل الشباب عن الدين كليا ونهائيا ثانيا، مع الترويج لبضاعة مزجاة ما لحساب بعض التجار ولكن عن طريق إقحام الدين والدين منها براء ، وليس عن طريق التسويق التجاري والاعلاني ثالثا ، “وهذا هو خلاصة ما بت أعتقده جازما في هؤلاء وأمثالهم ولا تفسير عندي لما يقولونه وقد أصبح موضع شك ونقد كبير وسخرية لاذعة على المواقع والمنصات كافة ولجميع الطوائف والاديان غير ذلك البتة !
كل ماسبق ذكره يقابله يسار مراهق و”نص ردن” في أيامنا المزدحمة بالوقائع ، المكتظة بالأحداث تلك فما أن تحدث “متثيقفهم” ولا أقول مثقفهم حتى يطل عليك بقصة شعره الغريبة،وبهندامه – المرعبل – الأغرب وبما لا نظير لهما سوى في أفلام شارلي شابلن بالأسود والأبيض، لتسمع رأيه في أمر حادث ،أو خبر عاجل ما إلا و بادرك على الفور ببعض المصطلحات الأجنبية أو الفلسفية لإحداث عصف ذهني لديك مراهنا ومن وجهة نظره القاصرة على احتمال جهلك بجلها أو بكلها ليمتلك زمام المبادرة طيلة فترة النقاش ومنذ الوهلة الاولى لتسمع منه عبارة نحو ماهو رأيك بـ غاستون باشلار، و فرانسوا جوليان؟ ليكمل عصفه الذهني ومن دون أن يمنحك فرصة للرد على سؤاله الأول ولا حتى فرصة لالتقاط الأنفاس، متسائلا” جنابك من جماعة الابستمولوجيا = فلسفة العلوم ،أم من جماعة الانطولوجيا =علم الوجود ؟”، أم تراك من جماعة”Lacto-ovo vegetarian” = نباتية الألبان والبيض ، أم من جماعة ” Ovo-vegetarian” = نباتية البيض فقط ، وعادة ما أرد متهكما على أمثال هذا الـ تفيك وبعد وجبة سريعة من – كبة السراي – وشربت زبيب الحاج زبالة بالقول “في الحقيقة والواقع أغاتي أنا لا من هؤلاء ولا من هؤلاء لأنني وببساطة من جماعة “البابا غنولوجيا”أحيانا ،و من جماعة ” الحمص بطحينلوجيا “أحايين ، أما في ساعات الصباح الأولى فأنا ولاشك من جماعة الكاهي وقيمر السدة أو “الباقلاء بالدهنولوجيا” وظهرا من جماعة ” التمن واليابسة لوجيا “وأما عشاء فهذه ولا شك ليست بحاجة الى “بيان وتبيين” ومعذرة للجاحظ وقد استعرت عنوان كتابه هاهنا لضرورات الشرح والإيضاح ، لأنني معروف وعلى مستوى المنطقة بأنني من جماعة “الفلافللوجيا بالعنبة والصاص لوجيا ” .
ونصيحة أخوية من القلب الى بعض المثقفين والنشطاء فضلا على مديري الصفحات والمنصات ولاسيما اللبنانية والتونسية والاردنية والمصرية والعراقية ،قللوا من استخدام المصطلحات الاجنبية المعربة لأنها ليست دليلا على الثقافة بأي حال من الأحوال بقدر دلالتها على أن المكثرين منها بمناسبة ومن دون مناسبة ، وفي كل شاردة وواردة ، إنما يرومون ومن خلال الافراط فيها الى التغطية على بعض القصور الثقافي والمعرفي عندهم ولا أريد القول ” سد النقص الغائر كجروح عصية على الشفاء في أعماقهم وفي لا وعيهم “، وإن كان لابد فاذكروا المصطلحات الاجنبية كما هي وبلغاتها الأم ، أو اذكروا رموزها اختصارا ، أو معانيها ودلالاتها باللغة العربية ،ولكن إياكم وتعريبها حرفيا وكيفيا ومزاجيا لأنكم بذلك قد أغضبتم فطاحل المترجمين ،وأرقتم ليالي ونهارات كبار اللغويين ، وأتعبتهم النحويين ، بقولكم ” كنتاكي فرايد تشكين ” وقولوا بدلا من ذلك “دجاج كنتاكي مقلي” أو KFC اختصارا ، ومثلها قولكم ” غولد فيش أند شيبس ” وقولوا بدلا منها ” سمك ذهبي مع البطاطا المقلية ” ، فهرائكم يذكرنا بمصطلحات “العودة الى المربع الاول ” و” الخروج من عنق الزجاجة ” و” لا نمتلك عصا سحرية” و” المارد بدأ يتململ وقريبا سيخرج من القمقم” وحديثا الإكثار من عبارة “حائك السجاد الايراني”، والتي لا يمل النشطاء والمراقبون والسياسيون من تكرارها خلال البرامج الحوارية وبما صار مقرفا وسمجا والى أبعد الحدود !
وختاما لا تكثروا من عبارة “سألت الذكاء الاصطناعي عن كذا وكذا ،فأجاب بكذا وكذا”خشية أن يتحول هذا الذكاء وبمرور الوقت الى مرجعية علمية وثقافية وعلى مختلف الصعد غير قابلة للدحض ولا للنقد ولا للتشكيك،وخشية أن يتحول هذا الذكاء – وهو صناعة بشرية محضة – الى عقل بديل ليعتري عقولنا البشرية بالتدريج الكثير من الجمود والخمول والتعطيل مع التحذير من الاعتقاد الجازم بأن كل ما يقوله الذكاء الاصطناعي صواب، وأن كل فكرة ورأي يطرحهما غير قابلة لا للجرح ولا للتعديل ، لأنه وعلى سبيل المثال وليس الحصر “سيصف لك الكيان الصهيوني اللقيط ولا شك بالدولة الديمقراطية فيما سينال من جميع خصومها لينعتهم بأبشع النعوت ويصفهم بأقبح الاوصاف بل وسيعرض أمام ناظريك خرائط لشرق أوسط جديد رسمه صانعوا برامج الذكاء الاصطناعي أنفسهم ” واعلم يارعاك الله بأن هذا الذكاء وإن كان سيجيبك اليوم وبما يوافق هواك ليريحك ويرضيك، فإنه لن يفعل ذلك مستقبلا قطعا، فنحن نعيش حاليا في مرحلة الاقناع بجدية وجدوى هذا الذكاء لغرض الاعتماد عليه تماما ، والثقة به كليا في كافة مناحي الحياة، ولكن الأمر سيكون مختلفا كليا او جزئيا بناء على كم هائل من المعلومات المضللة التي ستضخ وتختزن في برامجه وخوارزمياته لتشكل عقلا بشريا موحدا، يفكر بطريقة واحدة ، ويسير كالمنوم مغناطيسيا وكالمخدر باتجاه واحد ، ليحمل قناعات متشابهة إزاء قضايا مصيرية كبرى مختلفة كلها قد صيغت لتشكل وعيا جمعيا أحاديا غائبا عن الوعي ، ولا أستبعد مطلقا وفي القريب العاجل من ظهور أقوام سيقول أحدهم ” لقد مررت بمدينة ، بقرية ، بناحية ، بقضاء ، ببلدة ما يزال أبناؤها – من الرجعيين – ممن يعتمدون على أدمغتهم البشرية فقط دون استعانة بالذكاء الاصطناعي ،إنهم يفكرون بعقولهم الانسانية المتخلفة بدلا من الاعتماد والتفكير” التقدمي ” المطلق بعقل ودماغ الذكاء الاصطناعي المتحضر والمتقدم !!” ولعل من محاسن الأقدار ما قاله سام ألتمان،المدير التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي” المصنعة لبرنامج الدردشة الذكية “شات جي بي تي” مؤخرا وتحذيره – ولأسباب مادية بحتة لاعلاقة لها بالاخلاق – من خطورة عبارات المجاملة للذكاء الاصطناعي نحو “شكرا ، ومن فضلك، آسف ..الخ ” لأن مثل هذه العبارات المتأنقة والمجاملة لهذا الذكاء ستكبد الشركة خسائر بملايين الدولارات عند تحليلها ، ليمثل تصريحه هذا صدمة للملايين ممن باتوا يتعاملون من برامج الذكاء الاصطناعي المختلفة على أنها انسان واقعي يجيب على كل أسئلتهم عبر العالم الافتراضي ويتعاطف معهم ، ولعلها من المضرات النافعات ورب ضارة وكما يقال نافعة .أودعناكم اغاتي