منبر العراق الحر :
تناقلت صحف ومنصات الإعلام في العالم، تلك الرسالة التي تركها البابا فرانسيس بعد رحيله عن الدنيا يقول نصها؛ ليس المهم ما تملكه، بل من أنت. وما تقدمه للآخرين”!
رسالة تحمل إمضاء هذا الراهب المتقشف مع مبلغ من المال قدره مئة دولار!
فكر وسلوك البابا فرانسيس أنجز صدمة، ليس في عالم البابوية الذهبي وحسب، بل في طروحاته التي جمع بها خلاصة الفكر بمعرفة الأقانيم الثلاثة، ودمجها بالثقافة الحديثة وعلمانيتها في التأكيد على وحدة الوجود، والكشف عن عقل الله الناطق بالمحبة والجمال والسلام، مقابل التوحش الذي يسود العالم، جراء الجشع والطمع والحروب ونزعة التملك والهيمنة على الآخر الضعيف، لهذا لم يمتلك من دنياه سوى الحكمة، ولم يكن ميراثه سوى مئة دولار وفيض من التعاليم والأفكار التي لا تخلو من الثورية، ذلك هو منحى المتصوف الحقيقي والرهبنة التي تكرس أخلاقية رجل الدين القوي، الزاهد بزينة الدنيا وجاذبيتها ومغرياتها!
البابا فرنسيس مرجع الديانة المسيحية الكاثوليك في العالم، ومتاح له أن يعيش بمستوى من الغنى والرفاهية ما يفوق عيشة الملوك والرؤساء وأغنى أثرياء العالم، لكنه فضل الاقتراب من حياة السيد المسيح، والعيش ببساطة وتقشف وتكريس الدرس لمن يأتي بعده عن خلاصة الرحلة للإنسان بهذه الحياة، “ماذا تقدم للآخرين؟”، وليس ماذا تأخذ، كما نراه لدى غالبية رجال الدين المسيحيين والإسلاميين واليهود، وخصوصا رجال الدين الخائضين بالسياسة والنهم الفاحش في احتياز المال والسلطة؟!
البابا فرنسيس المتقشف الزاهد وجد صورة أدهشته وملأته بالقناعة بما درج عليه حينما التقى آية الله السيد علي السيستاني المرجع الأعلى للشيعة في العالم في مسكنه المتواضع في أحد الأزقة القديمة بالنجف الأشرف، وتعايش مع واقعه البسيط المتقشف والأكثر زهدا مما كان يتوقع!
تلك هي رسالة رجل الدين مقاومة نزوع الذات وشهواتها وجنوحها في دنيا الجشع واللهاث من أجل المال والسلطة والمغانم التي جعلت غالبية رجال الدين يضحون بكل شيء من أجلها.
