منبر العراق الحر :
كل إنسان في هذا الكون يعد كيونونة فاعلة في واقع اجتماعي يرتبط ارتباطا وثيقاً بوجوده الإنساني ،وقد اضافت له القراءات الفلسفية الإنسانية بكل صنوفاتها، والهادفة، التي تسعى الى تشكيل فعله الانساني من أجل هدف نبيل مصدره البصيرة الروحية واعطاءه الحق في تشكيل خريطة حياته الإنسانية .
وقد أعطى شوبنهاور تفسيراً جميلاً في فلسفة إرادة الإنسان، ورغبته في تحقيق شيء ما.
وعندما لا تتحقق تلك الرغبة التي سعى من أجلها يشعر بالألم مفسراً ذلك في صراع الإنسان من أجل البقاء؛ وبأن الرغبة هي المحرك الأساسي لإرادة حرة.
فإذا كانت مسؤولية قرارتنا
مصحوبة بهدف جوهري فاعل، في تقدم إنسانيتنا وتقدمية افكارنا وتحررها من عبثيتها، اذ تختلف قراراتنا من شخص لآخر فإختلافاتنا، تكون حسب بديهية فكرة عقل الإنسان، ورغبته بإتخاذ قراراته، والتي تحدد طبيعة ظرفه وعمله وتجاربه وطابعه النفسي.
اتفق كل من “ديفد هوم وتوماس هوبز” في تفسير رغبة البشر بحرية موقفه وتحرره من الأشياء.
اذ ترتبط الاشياء بجوهر الحقيقة، وبالتالي يمكن للمرء ان يكون حراً بإختيار أفعاله لكن، قد يحدث ما يمنعه من القيام بهذه الأفعال.
فالعوائق الخارجية التي قد تمنع الشخص من القيام بنشاط محدد لا تلغي حرية هذا الشخص باختياره للقيام بهذا النشاط أصلاً. فمثلاً يمكن لأحد ما أن يختار الذهاب في نزهة ولكن الطقس يمنعه من تنفيذ هذا الفعل.
فهذا الشخص كان حر الإرادة باختيار ما سيفعله. أي أنه قرر بكامل إرادته أنه يرغب بالذهاب في نزهة. ولكن عوامل الطقس منعته من تنفيذ هذا العمل.
لكن هذه الإشكالية التي يراها البعض، في الربط بين حرية الإرادة وحرية الأفعال، تتوقف على كيف نعرّف حرية الإرادة بالأصل. بمعنى ان فعل الإنسان في تحديد مساره الإنساني وبحرية جوهرية مرتبطة بالارادة، وادراكه وبرغبته في ارتباطه بالواقع مشروط بحرية توظيف افعاله، لكن هذه الإشكالية التي يراها البعض في الربط بين حرية الإرادة وحرية الأفعال تتوقف على كيف نعرّف حرية افعالنا!؟ لكن هناك أمور حتمية نحن البشر غير قادرين على تخطيها، ناتجة عن عوامل من الماضي وقوانين من الطبيعة فحتى الأمور التي نقررها ظناً منّا أنها بمحض إرادتنا الحرة، هي نتائج محتومة بناءً على ما مضى.
بالنتيجة ان حرية الإرادة غير متوافقة، مع الحتمية او اللاتوافقية وقد اقترب من تفسير “غوبلو” بأن الكون متسق تجري حوادثه وفق نظام ثابت في نظام كوني كلي وعام والظواهر تسير وفق حتمية كونية مطلقة، وبالتالي نحن البشر مسؤولين مسؤولية اخلاقية تامة عن تصرفاتنا بارادة ايجابية فاعلة، تحرك الساكن فينا للتواصل والاكتشاف والمعرفة داخل كينونتنا الخلاقة، تحت ضغوطات الواقع الذي يصنعه قرار الإنسان والمحكوم بقرار حتمي.
واختم مقالي بسؤال وجودي مهم
هل الإرادة حرة في الإسلام !؟
الجواب نعم
فقد خاطب الله عقولنا ومدركاتنا الحسية في النظر الى كيفية تدبير أمور الكون التابعة لمشيئة الله تعالى ونحن احراراً في أختيار مايناسبنا في المكان والزمان لنكون في إرادة تامة.
الاستاذ المساعد الدكتورة خلود جبار الشطري
