منبر العراق الحر منبر العراق الحر
مقالات مشابهة
منبر العراق الحر :
سألت مجلّة “نوتيلوس” العلميّة عالم الفيزياء الفلكيّة في جامعة جونز هوبكينز ومؤلّف كتاب “العودة إلى القمر: القفزة العملاقة التالية للبشرية” جوزف سيلك، عمّا إذا كان يتعيّن على الناس العيش على القمر. “لِمَ لا؟” يردّ العالم.
يرى سيلك أنه يجب البدء من مكان ما إذا أرادت البشرية مغادرة الأرض. والمكان الواقعيّ الوحيد للبدء هو القمر. سيكون الأمر محصوراً بالمستكشفين والأشخاص الذين يستغلّون القمر لأسباب تجاريّة وللعلماء. سيعيشون على القمر خلال القرن المقبل. وستكون نقطة انطلاق للذهاب إلى مكان آخر. إنها بيئة أسهل بكثير، بسبب الجاذبية الضعيفة، والتي يمكن من خلالها إرسال المركبات الفضائية إلى أماكن أبعد.
الصّناعة والسّياحة
إذا كانت اهتماماتكم تجارية فمن المحتمل أنكم ستركّزون على التعدين، لأنّ بعض العناصر الأرضيّة النادرة على الكوكب والتي تعتبر مهمّة لصناعة الكمبيوتر تنفد. ثمة وفرة كبيرة في المعروض على القمر. أبعد من ذلك، هناك السياحة. يمكنكم بالفعل شراء تذاكر، ليست رخيصة بالطبع، لرحلة حول القمر، ربما في السنوات الخمس المقبلة، بسبب أشخاص مثل إيلون ماسك.
للقمر أيضاً وفرة هائلة من جليد الماء داخل حفر عميقة ومظلمة. هذا لا يساعدكم في الحصول على مورد رئيسي للحياة وحسب، ولكن ربّما يكون أهم استخدام للماء هو تفكيكها إلى أوكسجين وهيدروجين. قوموا بتسييل هذه العناصر، بالاستناد إلى طاقة وفيرة من الشمس، فتحصلوا على وقود صاروخي يأخذكم إلى جميع أنحاء النظام الشمسي الداخلي وما وراءه.
مثاليّ لدراسة الكون
يتحدث سيلك عن انجذابه للقمر كمكان لبناء التلسكوبات. يمكن رؤية النجوم بشكل حادّ حقاً. يخفي بخار الماء الموجود في الغلاف الجوي للأرض الكثير من ضوء الأشعة ما دون الحمراء من النجوم، حيث كميات هائلة من المعلومات حول ما تتكوّن منه تلك النجوم. أيضاً، بسبب الغلاف الجوي الأيونيّ، تعدّ الأرض مكاناً صعباً للغاية لاستقبال موجات الراديو المنخفضة التردّد في الفضاء. الغلاف الأيونيّ الأرضيّ يشوّهها. لذلك، على القمر، يمكن رؤية الكون كما لم يتمكن العلماء من ذلك في السابق عبر موجات الراديو.
بحسب سيلك، إنّ الطريقة الوحيدة لالتقاط هذه الأشياء الباهتة حقاً هي عبر استخدام تلسكوب ضخم. “جيمس ويب” هو تلسكوب صغير (قطر مرآته ستة أمتار). يعدّ الجانب البعيد من القمر مكاناً فريداً للقيام بذلك، وثمة بعض المخططات المستقبلية الآن لبناء تلسكوب ضخم داخل فوهة بركان والتي تشكل وعاءً طبيعياً. يمكنكم ربط الجزء الداخليّ من هذا الوعاء بعدد من التلسكوبات الصغيرة، ربّما المئات منها، وستعمل بشكل متجانس. يحدد حجم التلسكوب مقدار الضوء الذي يمكنكم جمعه. يمكن أن يكون لديكم على القمر قوة تجميع للضوء أكبر بمئات المرات.
فجأة سيكون لديكم تلسكوب يبلغ عرضه كيلومترات عدة، وسيكون هذا أكثر شيء مدهش يمكن أن يتخيله سيلك، لأنه عندئذ لا يمكن أن تتكوّن لديكم فقط القدرة على تجميع الضوء، لكن أيضاً القدرة على التحليل. يمكنكم في الواقع أن تصوّروا أقرب الكواكب الخارجيّة مباشرةً وتتطلعوا لمعرفة ما إذا كان فيها محيطات أو غابات، وهي أول الأشياء التي تريدون البحث عنها إذا كنتم تريدون استكشاف إمكانيات الحياة البعيدة والغريبة. على العلماء البحث عن الحياة الخارجية في أماكن تبعد سنوات ضوئية عدة من الأرض، حيث يمكن فعل ذلك مع هذه التلسكوبات العملاقة.
أين سيعيشون؟
سيتعين على الأشخاص الذين يعملون على القمر معرفة كيفية إنشاء محيط حيوي. يمكن إنشاء ذلك داخل بناء اصطناعي على سطح القمر. لكن هذا لن يكون كبيراً جداً. سيكون النهج الواعد أكثر، مرة أخرى في العقود المقبلة، استخدام أنبوب حمم عملاق. إنّها كهوف ضخمة وطبيعية من آثار نشاط بركاني قديم. أنبوب الحمم العملاق كبير بما يكفي لإيواء مدينة بأكملها. يمكنكم أن تتخيلوا ضخ الهواء داخله وتطوير غلاف جويّ محليّ فيه، والذي سيكون مكاناً رائعاً للعيش فيه، وبالتأكيد القيام بأشياء جديدة على القمر. أشياء لن تفعلوها أبداً على الأرض بحسب سيلك.
قواعد تنظيميّة
هذا هو السيناريو الأكثر تفاؤلاً بالنسبة إلى الكاتب من أجل وجود أعداد كبيرة من الناس على القمر. لن يصل عددهم بأي حال من الأحوال إلى الملايين، ولكن ربما إلى الآلاف من الناس الذين يعيشون ويعملون على القمر. يجب أن يكون المرء متفائلاً بأن يدرك المجتمع الدولي أنّ التعاون هو السبيل الوحيد للذهاب في المستقبل إلى القمر، وبأن يضع قانوناً قمرياً يحكم ملكية العقارات وأيضاً النشاط الجرمي، إذا بدأ الناس يتنازعون على الأراضي. في الوقت الحالي، يبدو أنّ البشر بعيدون جداً من هذا الأمر، لكن يجب أن يحدث ذلك. ربما أمام الإنسان عقد أو عقدان قبل أن يصبح القمر مكاناً تنافسياً ويشتد استكشافه.