فضائيات عراقية .. غياب الوظيفة الإعلامية ….فلاح المشعل

منبر العراق الحر :
كثيرا مايجذبنا الإعلان الذي يشتمل على اثارة وإمتاع المشاهد ومن هنا اعتبر فن الإعلان أحد فنون الميديا الجديدة ، أما وظيفة الإعلام فهي تختلف بكل تأكيد عن مهمة الدعاية والإعلان، ولعل ابرز مهام الإعلام هو توفير حق المعلومة للموطن وتنقية الأجواء الإجتماعية من ثقافة الكراهية والتعصب ، وتقديم ثقافة المواطنة وحرية الرأي والنقد مع برامج ترافق نبض الشارع وأخرى تضفي المتعة والإبهار ، هذا بنحو عام ، وهناك وظائف تتولاها فضائيات اعلامية متخصصة بالإقتصاد وأخرى بالرياضة أو السينما ..الخ .
لكن ماذا يحدث عندنا ؟
فضائيات عراقية عديدة تجاوزت دور الدعاية والإعلان للحزب أو الجهة التي تمولها الى دور المهوال والسطحية السياسية والتخاشن مع الضيف المغاير لأفكارها ، فتجد مقدم البرنامج يخرج عن دور الباحث عن المعلومة الى المعارض والمتصدي لأي رأي مغاير لوجهة نظره التي تمثل رأي القناة طبعا .
أدوار “اعلامية ” مضحكة يمارسها بعض جهلة الاحتراف الاعلامي بعيدا عن المهنية والاحتراف ، فهذا المذيع يطالب الضيف بالاتفاق القسري مع رأيه وقناعته وبخلافه يقمع رأيه أو يقلص حضوره في البرنامج بعيدا عن قواعد اللياقة والأخلاق، ومقدم برامج يتحدى الضيف ويسحبه لحوار شخصي بعيدا عن موضوع النقاش، وثالث يحاول الطعن بالخصم السياسي لصاحب القناة ، أمية يبديها بعض مقدمي البرامج السياسية واستعراض عواطف تتصف بالسذاجة والسخافة أحيانا ، نقص فادح بالمعلومات والإحاطة بالموضوع ولغة متعثرة بين الشعبي والعربي تفصيخ ..الخ .
أغلب اصحاب الفضائيات العراقية تجدهم ” حيتان ” مال أو سياسة ، يوظفون قنواتهم لخدمة مشاريعهم التجارية أو السياسية وحتى الإبتزاز والفضائحية ، وبعضها تكون مؤقتة مع الانتخابات وسرعان مايتوقف عملها ، غياب الثقافة الإعلامية لأصحاب الفضائيات يفتح الباب واسعا أمام قرقوزات وموديلات العاملين في الفضائية وحسب رغبات صاحبها ومطامحه واهدافه ، ويحدث هذا دون رقيب أو مراجعة أو تدقيق من جهات أو هيئات متخصصة، مايجعل الهرج والمرج والشحن والكراهية والتحريض لغات سائدة في وظائف هذه الفضائيات .
الاعراض السيئة التي تنتاب الإعلام العراقي انتقلت اليه من الامراض السياسية التي تميز الاحزاب العراقية المتنافسة والمتصارعة بطريقة عشائرية لن تتردد باستخدام السلاح أو الميليشيات أحيانا ، أو حتى جماعات العنف الرسمي للهجوم على فضائية الخصم . وهكذا تمكنت نحو مئة فضائية عراقية مدججة بأجنداتها المتعددة أن تغيّب الفرصة التاريخية بولادة إعلام حر ومهني .

اترك رد