منبر العراق الحر :
في زمنٍ
كاد الشيب يغزو رأس السماء
كرأس ملاك الرحمة
والأرض لم تنه عدتها بَعدْ
وفي حضرة شاهدين
الشاهد الحاضر
كاهن الفصول
والشاهد الغائب
الصيف
ولدتُ يافعا من ساقية ماء مقطر من رحم الأرض
لم يقطع حبل سرّتها الهواء الشرقي
ولدتُ كشتاء قليل
يرضع غيمة سمراء في الصباح الباكر
وفي المساء
كنتُ أكبر كعطش يسقي حواسي
شربتُ الساقية حتى النبع
ولم أزهر كشجرة لوز
ولم أكمل ديني في آذار
لقد أضاع النهر مجراه
حين صدّق الوديان
ونفختْ في رأسه غلاصم الضفادع
وكان عليّ أن أفرّم أسنان الثورة
حتى يبزغ ضرس العقل
حينها لم أجد ما أمضغه في الصراع
ولاكتني لثة التاريخ
كعلكة تسلية
باكرا عادني الحنين إلى الشمال
في سماء ملبدة
كطائر الحوم
أحمل الجنوب كحربة في خاصرة
وأتلمّس الطريق
كأعمى
كي لا أسقط في حفرة الذاكرة
وبين فمي
وأذني انقطع الطريق
إلى لغة خروس
وبدوتُ كالأطرش في زفّة العروس…
==