منبر العراق الحر :
استخدم العلماء قطيعا من الأغنام المعدلة وراثيا لتحديد علاج واعد لمرض دماغي وراثي مميت يصيب الأطفال الصغار.
ويقول علماء من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، إن عملهم يمكن أن يؤدي إلى تطوير عقاقير للتخفيف من داء باتن الطفولي.
ويعرف داء باتن بأنه مرض وراثي نادر، يتسبب في اضطرابات على مستوى الجهاز العصبي وتدهور متواصل لأجهزة جسم المريض، تؤدي به في النهاية إلى العمى وفقدان النطق والشلل، ومن ثم الموت المبكر.
وهو موروث من أبوين بلا أعراض يحمل كل منهما طفرة جينية متنحية نادرة. ويبدأ الأطفال، الذين يحملون نسختين من هذا الجين المعيب في المعاناة من فقدان البصر وضعف الإدراك ومشاكل في الحركة، يتبعها نوبات وموت مبكر.
ورغم عدم وجود علاج لمرض باتن، إلا أن مقدمي الرعاية الصحية يركزون على علاج الأعراض لتسهيل الحياة على حاملي الجين الخاطئ.
وبدأ العلماء، بقيادة البروفيسور جوناثان كوبر من كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس، تجاربهم الأولية بالتعاون مع زملاء لهم في Collaborations Pharmaceuticals، من خلال اختبارات معملية على الفئران التي قدمت شكلا من أشكال داء باتن، المعروف باسم مرض CLN1، والذي أمكن علاجه بإنزيم مفقود.
وقال قائد التجارب، البروفيسور توم ويشارت، من معهد روزلين في جامعة إدنبرة، حيث تم استخدام تقنيات الاستنساخ لإنشاء النعجة دوللي في عام 1996: “كان ذلك مشجعا ولكننا كنا بحاجة إلى اختبار العلاج في أدمغة أكبر ذات بنية تشبه إلى حد كبير تلك الخاصة بالطفل. لا يمكن الاستقراء مباشرة من تجارب الفئران إلى البشر. فمن المهم وجود نموذجٍ وسيط أكبر”.
ولذلك، استخدم العلماء في المشروع تقنية تحرير الجينات Crispr-Cas9 لإنشاء نسخة من الجين المعيب المسؤول عن CLN1 في الأغنام.
وتمكن العلماء من تكوين قطيع صغير من الأغنام، تم تصميم كل منها بحيث تحمل نسخة وظيفية واحدة من جين CLN1.
وكشف ويشارت: “تم جمع مبايض الأغنام من المسالخ وإزالة البويضات وتخصيبها. ثم إضافة كواشف Crispr لإجراء التغييرات المطلوبة في CLN1 ثم زرع البويضات في الأغنام البديلة”.
وأضاف: “إنها حاملة دون أعراض، مثل آباء أطفال داء باتن. ومن خلال هذا القطيع، يمكننا بعد ذلك تربية الأغنام التي تحتوي على نسختين معيبتين. وتستمر تلك الأغنام في تطوير المرض مثل الأطفال، وأصبحت موضوعات لتجاربنا العلاجية”.
يستسلم الأطفال لهذا النوع من داء باتن لأنهم يفتقرون إلى إنزيم تصنعه جينات CLN1 الصحية، وهو سبب تطور داء باتن عند الأطفال. ويعد الإنزيم ضروريا لتمكين الجسيمات الحالّة (عضيات موجودة في الخلايا الحيوانية تحتوي على إنزيمات هاضمة تقوم بتفكيك الزائد أو الهالك من العضيات والغذاء والفيروسات والبكتيريا) من إعادة تدوير النفايات التي تتراكم في الخلايا. وتتم إعاقة هذه العملية في حالة داء باتن.
وكشفت الأبحاث التي أجريت على الفئران أن حقن الإنزيم المفقود في الدماغ أدى إلى تحسينات ملحوظة. ورأت المجموعة أن الانتقال مباشرة إلى التجارب على البشر لم يكن عمليا أو آمنا.
وأضاف كوبر: “يمكن تفويت مشكلتين مهمتين: كيفية توصيل الدواء إلى المكان المناسب في دماغ أكبر وكيفية زيادة الجرعات”.
وحصل الفريق على الإجابات من خلال تجارب على نصف دزينة من الأغنام تمت تربيتها من قطيع الأغنام بجينين معيبين من CLN1.
وأظهرت نتائج التجارب العديد من السمات المميزة للمرض الذي يصيب الإنسان. ويمكن للعلماء من خلال حساب الجرعة المناسبة وطريقة توصيلها إلى أدمغة الأغنام، ملاحظة التحسينات في المرض، بحسب الورقة البحثية المنُشورة في مجلة Journal of Clinical Investigation.
ويقول العلماء إن النتائج واعدة، لكنهم يؤكدون أنه ما تزال هناك حاجة لعدة سنوات من البحث لتحسين العلاج.
وقال ويشارت: “لقد اكتسبنا رؤى هائلة من شأنها أن تساعد في تطوير علاجات للأطفال يوما ما”.
وأيد كوبر وجهة نظر ويشارت قائلا: “ما يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه ولكننا اتخذنا خطوة مهمة للغاية”.
المصدر: ذي غارديان