السعادة في العراق في يوم السعادة العالمي/3 … عبد الرضا حمد جاسم

منبر العراق الحر :…..يتبع ما قبله…

حَّيْرة و اجتهاد ليس فيه حسم و لا جزم وهو: أن لا تعريف او توضيح او توصيف متفق عليه للسعادة منذ الفلاسفة الأوائل لليوم…غير ان الاغلب الأعم و بعد ما اصابهم من حيرة توصلوا الى انها “”فردية/شخصية”” لتتوسع الكارثة مع الارتفاع الهائل لعدد سكان المعمور حيث وصل العد الى اكثر من (8) مليار نسمة وهو في تصاعد وفق متوالية هندسية بعد ان كان زمن الفلاسفة بضع ملايين… و المشكلة الاعقد ان البشر اليوم أصبح سلعة حيث لها موقع في البورصة…انا هنا و في هذا العالم السلعي الذي يديره و يسيطر عليه التكالب و البورصة عالم الاجرام و القتل و الانتهاكات و الاحتلالات و الفقر و الامراض و الأوبئة و الانحرافات و المخدرات “سلعة” و العنصرية و التقلبات المناخية و التهديدات النووية… أقول ان كلمة/ مفهوم/ مصطلح السعادة يمكن ان يكون محصور او وصفها محصور في ثلاثة كلمات/ مفاهيم/صفات بل هو العصير المُرَكَّز لخليط هذه الثلاثة ويمكن لم يفكر ان يكون مجتهد ان يضيف عليها و الثلاثة هي:

1 ـ اخطبوط / اخطبوطية: صفاته انه رخوي/ لا عظمي يمكنه الاختباء بذكاء من خلال تغيير اللون او الشكل لا حدود لطوله او عرضه او حجمه او مساحته …مع ذلك فعمره قصير ومتنوع في كل مكوناته و مركباته

2 ـ هُلامْ / هلامية: مخادع متعدد الفوائد و الاستعمالات مخادع لا يمكن الوقوف عليه وحتى لو وصلت اليه/ا يهرب تهرب منك و ان حاولت مسكها تتسرب من بين يديك “الفسلجية/العضوية” و العقلية.

3 ـ سراب/ “سرابية”: [….و كانت سرابا] يركضون باتجاهها متصورين / متمنين/ مخدوعين انهم سيصلون…لكن الصدمة تلطمهم دون ان توَّعيهم… يشعرون/ يعرفون انه يهرب منهم و لا يمكنهم الوصول اليه لكنهم فرحون بذلك الى ان يعيهم الركض و يستنفذ قواهم ويطرحهم ارضاً وهم بفرح و رجاء الى ان يموتوا/ يُقبروا عطشاً او جوعا. كما حصل قبل أيام ببعض أفراد من كينيا عندما جوعوا انفسهم في طريق وهمهم من انهم سيفوزون بالسعادة و يشبعوا بتناول العشاء المقدس لكنهم لم يفلحوا…وربما بعد ان انهارت قواهم بسبب الجوع… نَدِموا ساعة لا ينفع الندم…فماتوا.

و يمكن ان نظيف للثلاثة رابعة:

4 ـ قوس قزع: يُرى و لا يُلمس بعيد لا يناله او يطاله او يستفيد منه احد…يطل احياناً ناصعاً واحيان أخرى خافت…قيل انه شيطان وقيل انه مَلَكْ السحاب…و اعتقد انه السعادة هي مَلَكْ من الملائكة…لا تقترب منا و لا نقترب منها…حيث في الحالتين نحن خاسرين.

…………………….

بخصوص السعادة كتب البروفيسور قاسم حسين صالح في مقالته( رسالة الى نفسي) بتاريخ 02.10.2009 التالي: ((الواقع ان كثيرين منا يحمل مفهوماً مثالياً عن السعادة و هؤلاء لن يصلوا لها و لا يستمتعوا بالحياة. فالسعادة الواقعية لها معياران: ان يكون وضعك الحالي افضل مما كنت عليه، و ان تكون بمستوى اقرانك في الوظيفة أو المهنة أو المكانتين الاجتماعية و الاقتصادية)) انتهى

أقول: حدد البروفسيور قاسم حسين صالح مفهومين للسعادة هما المثالي و الواقعي وبَيَّنَ حاسماً جازماً بأنَ أصحاب المفهوم المثالي لا يصلون للسعادة و لا يستمتعوا بالحياة.

نعم عزيزي بروفيسور قاسم حسين صالح إن هؤلاء لا يصلون لها حالهم في ذلك حال الراكضين باتجاه السراب او الذين تضوروا جوعاً و ماتوا حال من البعض من مواطني كينيا…و لكن كل أصحاب المفاهيم الأخرى بمن فيهم اتباع المفهوم الواقعي ما وصلوا اليها و لن يصلوا… هذا بخصوص الوصول اليها اما ما يخص ” ولا يستمتعوا بالحياة” هنا نتوقف حتماً فالموضوع فيه وجهات نظر تطرح أسئلة منها السؤال التالي:

كيف توصل البروفيسور قاسم حسين صالح الى هذه النتيجة و ب “هذا/ذلك” الحسم و الجزم “لا يستمتعوا بالحياة” في هذا العالم المترامي الذي غالبيته من اصحاب المفهوم المثالي للسعادة؟

كما أتصور فأن السواد الأعظم من العراقيين / البشرية هم من هذا الصنف “المفهوم المثالي” و هؤلاء توصلوا صمتاً بعد ان تاه عليهم معنى السعادة الى ان يتخيلوها ويعيشوا بأمل الاقتراب منها او العيش فيها يوماً و ربما وضعوا لها صورة قريبة من الموعودين بها و أقصد الجنة فهم في اغلبهم يسرحون كثيراً في تصورهم عن الجنة و كيفية الوصول اليها و بذلك تكون سعادتهم هي الجنة وعليه فهم يسيرون في حياتهم على صفاء النية وهم مستمتعين معتمدين على ان خزندار السعادة غفورٌ رحيم ووفق انما الاعمال بالنيات وهم بذلك يحاولون التمتع بحياتهم على بساطتها فسعادتهم ربما في زيارة قبر او رؤية محب غُيَّبْ او في تقديم الخمس و الزكاة وهو يسيرون باتجاه سراب هم صنعوه على امل تحقيق سعادتهم بشربة ماء منه.

أما بخصوص السعادة الواقعية حيث لم اجد على محدودية اطلاعي ممن كتب عن السعادة “الواقعية و المثالية” من جزم بأن حدد معيارين لا ثالث لهما انما تركوا الامر مفتوحاً دون تحديد…واعتقد ايضاً ان هذين المعيارين لا تلمهما كلمات و لا امنيات و لا تحركات و لا طموحات و لا رغبات و لا احتياجات بحيث كلما خطى احدهم/ انسان خطوة في طريق سعادته الواقعية كما يتصور و حققها وجد نفسه باحثاً بقلق عن الخطوة التالية التي تُلغى السابقة بهوس بحثة عن موضع الخطوة الجديدة “”الوصول الى القمة سهل لكن البقاء عليها صعب و ربما مُهلك””…[اعتذر عن تكرار كلمة أتوقع التي لم اجدها فيما قرأت من كتابات البروفيسور قاسم حسين صالح …ربما من نقص فهمي لِما قرأت].

المعيارين الذَّين حددهما البروفيسور قاسم حسين صالح للسعادة الواقعية هما:

المعيار الأول: ـ (ان يكون وضعك الحالي افضل مما كنت عليه) انتهى

الكل يتمنى ذلك…لكن الصعوبة هنا في ما هو المقصود ب”الوضع الحالي” فهناك و ضع خاص ووضع عائلي وضع عام…الخاص يتشعب الى الوضع في موقع العمل و الوضع صحي والوضع اقتصادي …اما الوضع العائلي فهو يشمل وضع افراد العائلة صغيرهم و كبيرهم و معهم العائلة الأكبر و كذلك وضع العوائل وافرادها في محيطها اما الوضع العام فهناك الوضع الأمني و الضوع السياسي ووضع السوق ووضع الخدمات المتنوعة العامة و الخاصة…و من كل وضع الأوضاع يمكن ان يظهر وضع.

هل يكون سعيداً من يتقدم وظيفياً و ينتكس صحياً؟ هل يكون سعيداً من يتحسن وضعه المالي / الاقتصادي و ينتكس صحياً و عائلياً؟ هل يكون سعيداً من يتقدم علمياً و يُضطهد سياسياً و اجتماعياً؟ هل يكون سعيداً من يتحسن وضعه العائلي و ينتكس اجتماعياً؟ و هناك سلسلة طويلة لا حدود لها من هذه ال “هل يكون سعيداً إذا….”

أعتقد انه لا يوجد انسان في الكون وضعه الحالي افضل من مما كان عليه للدرجة التي تجعله سعيداً بما فيهم الرؤساء و الملوك و الامراء و العلماء و الأثرياء والمشاهير على كل الصُعُدْ…قد يكون راضياً قنوعاً بما وصل اليه و الرضا و القناعة كنز كان لا يُفنى و اليوم سهل ان يُفنى…لكن من منهم يتوقف عند رضاه و قناعته؟ الأغلب الأعم في عالم السلع اليوم الذي اصبح فيه واضحاً ان الانسان أصبح سلعة…وحين يصل هذا الانسان المُسَّعَرْ الى نقطة/ درجة الرضا و القناعة سيجد نفسه و من ضمن سعادته ان يبحث عن رضا و قناعة اعلى ان صح القول وهذا ضمن الطموحات و هي ضمن الاحتياجات و هي في الطريق الموحش المؤشر على اول عمود فيه انه طريق السعادة…اي يبحث عن ارتفاع سعر اسهم هذه السلعة في البورصة.

المعيار الثاني: ـ (أن تكون بمستوى أقرانك في الوظيفة أو المهنة أو المكانتين الاجتماعية والاقتصادية) انتهى

نعم قد يشعر بالرضا عندما يكون بمستوى اقرانه بالوظيفة او المهنة و المكانتين الاجتماعية و الاقتصادية و نفترض تحقق ذلك و “حصل على السعادة”…كيف يحافظ عليها او يتمسك بها وهو الطامح الى التَّميز؟ و هنا سؤال يقول هل هناك شخصين بنفس المستوى بالوظيفة او المهنة او المكانتين الاجتماعية و الاقتصادية في العراق او في كل العالم/ البشرية.

انت عزيزي بروفسور قاسم كنتَ لفترة طويلة أستاذ جامعي و كنت بمستوى اقرانك في الوظيفة و المهنة و المكانة الاجتماعية و الاقتصادية ابان فترة الحصار الظالم على الشعب العراقي في التسعينات الفائتة عندما كان مُرَّتَبَكِ الشهري وغيرك من اقرانك ربما لا يساوي ثمن طبقة بيض او سعر كيلو لحم…فهل كنتَ سعيداً لأنك بمستوى اقرانك في الوظيفة او المكانتين الاجتماعية و الاقتصادية؟…ربما كنت افضل منهم اقتصادياً!!! لكن هل هذا اسعدك و انت ترى اقرانك يعرضون مكتباتهم الخاصة للبيع او شبابيك غرف بيوتهم… هل كنت سعيداً عندما كنت بمستوى اقرانك في الوظيفة و المهنة و المكانتين الاجتماعية و الاقتصادية خلال الحرب الطائفية في العراق؟

وهناك امثلة كثيرة يمكن ان تُعرض في هذا الجانب.

يتبع لطفاً

عبد الرضا حمد جاسم

اترك رد