منبر العراق الحر :
يصنف تاريخنا بأنه تاريخ مرويات وقناعات حادة ومزاجيات وضغائن وتصفية حسابات وخراب وكوارث وعقد ‘ وعقود من المسكوت عنه ‘ اننا نعيش وسط امواج متلاطمة من الترهات التي تصدر من بعض اصحاب الاوهام سواء كانوا جماعات او افرادا . يؤكد علماء النفس المعاصرين ان اصحاب الاوهام المرتجلة يصنعون حول وعيهم وعقولهم ( اذا كانوا يحملون شيئا من الوعي ) سياجا يمنع استقبال اي حقيقة جديدة وهؤلاء في العادة يمتلكون عقولا متخشبة ومظلمة يرعبها النور والحقائق ‘ لانهم تعودوا العيش وسط الزيف والظلام والمجاملات . بعضهم لا يحسبون على وطن ولا على طائفة ولا على انتماء معين ‘ لان انتماءهم الاساس هو لمصالحهم الخاصة التي ابتكروها لتتناسب مع استمرار وجودهم . غدا عندما يسألنا اولادنا من يتحمل اعباء تلك المراحل ؟ الوشاة ‘ الدمى ‘ الصغار ممن اعتقدوا انهم كبار ؟ الحواريون الذين يجعلون المسؤول لا يرى الا ما يرون ‘ المزايدون في حلبات بيع المواقف ‘ المراهنون على تعب الابطال والمضحين . في البلاد التي تحترم مواطنيها ‘ بيت المسؤول او مكتبه عبارة عن فضاء مفتوح كما لو انك في مقهى او منتدى ‘ يستقبل الجميع دون الحاجة الى واسطة او توصية او اتصال تلفوني او تدخل شخصي من السكرتير ( الذي بالعادة يتحلى باللؤم والمزاجية ) . من استطاع ان يصمد امام امتحان الزمن واغراءات السلطة والمال والمنصب والمسؤولية ؟ وها نحن كل يوم على بعد مسافة من فضائح تكشف واسماء تنشر كما تنشر ثياب الغانيات في غرف الليالي الحمراء . يخرج برلماني وعبر الفضائيات ليقول نحن تأمرنا على العراق ‘ سرقنا ‘ نهبنا ‘ ضحكنا ‘ ولعبنا على الجميع . هؤلاء يمتلكون موهبة التمثيل في كل حقبة ‘ يسوقون بطولاتهم ( اذا كانوا فعلا اصحاب بطولات ) الا اللهم بطولات السرير وطاولات صالات القمار والروليت وخيم الكاولية وصفقات المال والعقارات.
نحن في مأزق كبير ومن زمان لكن هذا المأزق يأخذ اطارا سياسيا على الدوام بأعتبار ان السياسة واجهة وغطاء على الغام موقوتة ستنفجر يوما دفعة واحدة او تباعا. طالما تباغتنا الاحداث العاصفة لاننا لا نفكر ولا نخطط ولا نتوقع ولا نضع دراسات للمستقبل .دول العالم الان تستعد لما بعد مرحلة النفط وتبحث عن مصادر بديلة لدخلها القومي. الان نحن لدينا فرصة ذهبية وتاريخية للتنمية المستقبلية لن تتكرر على الاطلاق. هذه المرحلة هي مرحلة الاستقرار السياسي النسبي للمجتمع التي يجب ان توظف للمراجعة والبناء والاعمار. امامنا مسؤولية ان نصحو فنكسر صمت القرون المحصنة بالزيف.
