منبر العراق الحر :
تنجح القمم في العالم إذا كان الدافع لعقدها متبنيات مشتركة اقتصادية أو علمية أو حربية، وتترشح عنها قرارات تنفيذية فاعلة، بخلاف مادرجت عليه القمم العربية من اصدار بيانات سياسية بنبرات عالية الصوت، لكنها لاتصل الى الأرض.
*جاءت قمة جدة وسط توقعات عالية المستوى كونها تعقد بالمملكة العربية السعودية وبرعاية الأمير محمد بن سلمان الذي عرف بدوره القيادي في التخطيط والتنفيذ والانفتاح على العالم الخارجي، بما يجعل السعودية دولة فاعلة في الحوار العالمي .
*الغريب أن قمة جدة لم تتبن مشروع اقتصادي _تنموي عربي ، أو صندوق تنمية عربية يكون له دور ريادي في معالجات لبعض ظواهر الفقر المعيشي أو الصحي أو التعليمي الذي تشكو منه العديد من شعوب الدول العربية .
*مازال المواطن العربي يجد صعوبة بالغة في الحصول على فيزة دولة عربية لزيارتها أو العمل فيها ، ومازالت الاسوار والحدود تمنع الاندماج العربي بين الشعوب العربية بجميع الميادين .
*معدلات الفقر والتخلف ربما هي الاعلى في بعض الدول التي حضرت قمة جدة الى جوار أغنى الدول بالعالم و لكن أية مبادرة لم تقدم لمساعدة تلك الدول الفقيرة، أو فك ارتباطاتها مع الدول التي تساعدها لقاء مصادرة موقفها السياسي .
*غياب الحريات ووفرة السجون ومظاهر الفاقة والحرمان ..تشكل السمات الغالبة لدى شعوب الدول التي حضر قادتها قمة جدة ،لكن لم يتم تناول هذا الملف المهم والفاعل والمسؤول أيضا ًعن تزايد العنف وثقافة الكراهية والعنف . بل أن تلك الظواهر تعد البيئة الصالحة لنمو الأرهاب وانتشاره .
*اساليب القمع والإقصاء والقتل الجماعي الذي تمارسه الأنظمة العربية الدكتاتورية في تهجير واغتراب وتشرد الملايين في مخيمات غير صالحة للحياة كما في سوريا والعراق واليمن والسودان وليبيا، ظاهرة كونية لم يتطرق لها أحد .
*باستثناء كلمة الرئيس العراقي محمد شياع السوداني الذي أكد على أهمية التكامل الاقتصادي بين الدول العربية في تكتلات اقتصادية لتكون سبيلا لوحدة المصالح والتنمية للدول وشعوبها، هذا المبحث المهم لم يتم اعتماده بطرح مشاريع اقتصادية تنموية في دول تتوفر على أهم مصادر الطاقة بالعالم كالنفط والغاز .
*حضور الرئيس الاوكراني زيلينسكي لم يقدم له تفسيرا واضحا ، هل تسعى القمة لإنهاء حرب روسيا_اوكرانيا ؟ هل بمقدورها ذلك ؟ وماهي المفاتيح التي تملكها وسط صراع اقطاب دولية ، وقد تعذر عليها وقف حرب اليمن والسودان واكتفت بدعوة الاطراف للتصالح .
*دول عربية مهمة تعاني من حصار بل حرب مياه وافقار مثل التراق وسوريا ومصر والسودان وسبب ذلك هي تركيا وايران واثيوبيا ، لماذا لم يدرج هذا الملف للنقاش والتفكير بوضع معالجات لهذه الأزمة القاتلة للاقتصاد والشعوب ؟
*شمال العراق وسوريا يتعرضان لاحتلال تركي وتواجد ارهابي مدعوم من دول الجوار .. صمت الجميع ازاء ذلك !
*فشل المجتمعون في مناقشة أي مشروع تقارب بين المجتمعات العربية التي أصبحت غريبة عن بعضها ، مشروع مثل النقل العربي المشترك بين الدول العربية أو تخفيف من شروط الفيزة والاقامة أو فرص العمل للمواطن العربي .
كنا نأمل أن تأتي قمة جدة بجديد واختلاف عن سابقاتها كما سعت بعض القنوات الاعلامية أو كلمات الحاضرين لوصفها، ولم يكن فيها من جديد سوى حضور الرئيس بشار الأسد ووزيلينيسكي ، وكان حضورا هامشيا لم يؤثر من طبيعة المعادلة القائمة سواء في سوريا أم حرب روسيا _اوكرانيا . وهذا يعني أن الأنظمة العربية مازالت منشغلة بفقه الخطاب السياسي الرنان ، بعيدة عن دخول عالم الحوار الدولي المؤثر ، وهم كما قال الشاعر العراقي مظفر النواب ” يدافع عن كل قضايا الكون ويهرب من وجه قضيته ” .
