منبر العراق الحر :
…هو يسأل عمّا نفعل و لا يُسأل عمّا يفعل؛ كان بمقدور الله الخالق و هو القدير على أن ينسف و يحرق إبليس لحظة عصيانه و تطاوله عليه و انتهت كل القصة؛ لكنه تركه أن يُرافق و يُلازم آدم و حرمته في رحلة النّفي من الجنّة و السّلام إلى حين يأتي أمر الآخرة. يأتي خلقٌ من بعدهم ( من الآدميين) يقول لك سأطردُ أو أحرق إبليس و قبيله الذي مسّ بيتي أو تلبّس و سكنَ جسد واحد من ذرّيتي و يبدأ في طقوس قراءة القرآن و التعاويذ بُغية -طرد الشيطان- من فضاء سكنه أو من جسد زوجه أو ذرّيته دون أن يرى شيئا من هذا الحضور.. آدم رأى إبليس و قبيله و كان خالقه شاهدا على ذلك و مع ذلك لم يستطع أن يطرد الشيطان من حياته و حياة أهله !
*كلّما ازداد هوس المسلم ( لا المؤمن ) بخطر اجتياح إبليس لحياته و لفضائه الاجتماعي ، و كلّما كّثّف من طقوس الدجل و جعل من الرّقية -مُعتقدا – من شأنه أن يحرق عرش الشياطين و الأبالسة، كلّما -حسب ما نراه من مشهد – اقترن خوفه و هلعه و خيفته من كائنات لا نراها فازداد انتعاش أسهم الخوف من المجهول في أسواق الدجّالين و الطب الموازي و أسواق سماسرة الّدين الذين يتلون قرآنهم على ( المرضى ) و يدّعون على الأجساد المسكونة و العقول أيضا القدرة على تخليصها من اجتياحها من قبل حفدة إبليس دون عقد شراء و لا كراء!
-انتعشت سوق إبليس أكثر فأكثر تزامنا مع سوق ( آيات الله !) و الأثمان حسب شهرة و رتبة رُقاة المسلمين المرضى من الحكمة و العقل !
كلّما تضاعف اعتقاد المسلمين بأن أجسادهم و عقولهم عرضة لاستيطان الشيطان و إبليس لهم ، و شنّوا عليه – حسب اعتقادهم – حربا آياتية-بواسطة زنادقة و دجّالين من كتاب ( لا يقرؤونه و لا يعرفونه و لا يتدبروا ما جيئ فيه …) كلّما زاد نهم و تضاعفت شهية إبليس و قبيله لأجسادهم و عقولهم ، حتى نتج عن ذلك أزمة إسكان فظيعة في كيان الأفراد المسلمين في رقعة العالم العربي الإسلامي .. أزمة سكنية و اكتظاظ كبير ممّا جعل الأبالسة من الجن الشياطين يجتمعون في عدة مناسبات في حالة استنفار و طوارئ يدرسون في برلمانهم الأعلى إمكانية إيجاد بدائل من شأنها ضمان ” الهجرة الشيطانية الاستيطانية” المستمرة للبشر المُسلم ! هدهدي أخبرني بذلك !
-كلّما اشتدّ و رسخ خوف المسلم من استيطان و اجتياح الشياطين لعقله و جسده -غيبيا – و دون أن يراهم كلما تقوّت شوكة ما يُسمّى بالشيطان العدو المُبين الذي ليس لديه إلا تدبير المكائد و الحيل للتنغيص على حياة المسلم و زعزعة السلام و الاستقرار في جسده و حياته .. حتى وصل الأمر أنه لم يتبقّ تقريبا شبرا أو موضعا واحدا من سكنه و جسده إلا و كان الشياطين الأشرار السحرة مكتظين فيه !
يشبه استيطان و استعمار ( هذا الشيطان، هذا الإبليس) للكيان و الرقعة الجغرافية / الجسدية/ اللحمية / العصبية للمسلمين كاستيطان ( الاسرائليين الصهاينة ) لفلسطين لم يتركوا موقعا إلا و احتلوه حتى انتهينا على حال ( القدس عاصمة إبليس!)…بسبب خوف العرب الهوَسي المرضي من الأساطير المزروعة حول قوة و بطش و فتك ثلة من الصهانية !
-يتبادر إلى ذهني في ذات المقاربة ؛ دور الرقاة الدجلة في بلادنا المسلمة العربية المشابه تماما للمفاوضين و البغايا من السياسين العرب و غير العرب و دعاة السلام في المنطقة!
*يعني لكِ الله يا قدس و يا فلسطين ! عليكما الصبر حتى يحرّر العرب أنفسهم أولا ( جسدا و عقلا وسكنا) من استيطان إبليس لهم و من ثمة يمكننا أن نفكّر في الزحف الأكبر نحو فلسطين لتحريرها من خنازير و قردة آل صهيون !!!
*أسأل بكل موضوعية -خلفاوية- و أنا لم أرَ الشيطان و لكن سمعت عنه من خلال أساطير أمتي و علمت به من خلال الذكر الحكيم في القصص القرآني أنه ذكي جدا و داهية و صاحي جدا و ماكر: فأي منفعة سيجلبها لنفسه هذا ( الإبليس / الشيطان) من اختياره السّكن في عقول المُسلمين و هي ( أعفن عقول ) و أغباها و أبلدها بين باقي كل الأجناس على الإطلاق، إذا كان العقل متعفّن و مريض فبالتأكيد سيكون الجسد كذلك .. إذا كان حقّا ( إبليس قد فعلها مثلما يعتقد العرب المسلمون ، فيمكنني القول أن هذا ( الإبليس /الشيطان) عديم الذوق ، بل معفّن و غاوي العيش في العفن !!.
—-
*)كاتب، مفكر، مترجم، إعلامي، تشكيلي، مصور فوتوغرافي، مدير تحرير -نشر صحيفة ( الفيصل)-باريس.
باريس الكبرى جنوبا
-٢٦/٥/٢٣