منبر العراق الحر :
يعتبر العراق محور الارتكاز التاريخي في تعاليم الحضارة والخلق ‘ تعزز ذلك بقوة التمدد الجغرافي الذي منحه مزايا متعددة وكثيرة . قد يتبدل الوضع المركزي لاي دولة بأعتبار ان المركزية مفهوم نسبي يخضع لعوامل عديدة ومختلفة لكن في حالة العراق فهو الاكثر اهمية بحكم ( وضع الجيوبوليتكي ) مما جعله ان يكون في قلب العالم . ثقافيا يعُد العراق صانعا للثقافة ‘ مستوعبا لها وحاضنتها فهو مهبط الثقافة والفنون بكل انواعها .ولمن لا يعلم فإن الفن هو شكل من اشكال صناعة الحياة لان الفن لغة عالمية يرتفع بالمشاعر ويرتقي بالافكار لذلك نحاول دائما ان نؤكد بأن الثقافة قضية حاكمة ‘ علماء الحضارة وعندما يعرفون الثقافة يقولون انها نسق ثقافي منظم وهي الارث الاجتماعي والمعلومات التي خزنتها الشعوب في كتبها وذاكرتها . وهو ما شكل لاحقا مكون الثقافة الحضارية بمعناها العام (الحضارة العربية الاسلامية) وهي ثقافة تجمع بين الدين والدنيا بنسبة محددة . عندما نعتمد الثقافة بوصفها معيارا عاما سيؤدي ذلك لمن اختلفوا في المشارب والمنطلقات الى حقائق واحدة في نهاية الامر . لذلك تبقى الثقافة هي القاسم المشترك ‘ مثلا العولمة فكرة ثقافية ‘ اسقطت كل الحواجز واصبح من خلالها انسيابا للافكار والسلع والخدمات . صراع الحضارات يعتبر ايضا قضية ثقافية . ما حصل بيننا وبين الارهاب هو ( هوة ثقافية ) . العراق بلد ادواته الثقافية ادوات ضخمة لذلك نحن اكثر دولة في العالم تمتلك قوة ناعمة ‘ العراق ليس بلدا عاديا انه بناء حضاري وثقافي ‘ تدخل في صميمه روح البناء الثقافي والحضاري وهذه الاسس هي التي يتشكل منها وجدان الشعوب ومشاعر الامم . لابد للعراقيين ان يشعروا بالاعتزاز الثقافي والانساني والفكري فهم يمتلكون كل مصادر القوى الناعمة التي ليس لها نظير في عالم اليوم. الشعب العراقي شعب متعطش للحوار والثقافة والمعرفة عندما يتاح له ذلك . ان التقدم العلمي والتكنلوجي الكاسح وخاصة في الجانب المعلوماتي هدم الهوة بين الاجيال وغير تركيبة المجتمع وشكل العلاقات ما بين الناس ‘ لذلك لابد ان يكون للتقدم العلمي بُعد من ابعاد فهم الاستراتيجيا الحاكمة في خطط المستقبل والثقافة والتنمية . هذه الامور كلها مرتبطة بترشيد القرار السياسي العراقي بمعنى يجب قراءة الامور قراءة موضوعية وواقعية تكتنفها المصارحة والشفافية والمصداقية والوضوح وليس فقط الاكتفاء ( ببراءة الذمة ) هذه هي اسس العمل الجديدة التي ستغير رؤيتنا للمرحلة القادمة ومن خلالها يبقى العراق هو قلب العالم النابض . لا يمكن ان نبقى عبئا على الاخرين . اذا اردنا ان نغير الجيل القادم علينا ان نبدأ من الان من خلال المثلث الذهبي لمشاريع النهوض القومي .اضلاع هذا المثلث هي : تطوير التعليم ( ترتيب الثقافة ‘ وتوطين التكنلوجيا ) لان التعليم هو مفتاح تقدم اي مجتمع ‘ التعليم يغير مسار المجتمعات نحو الافضل دائما ‘ وترشيد الثقافة ( السلوك العام للناس ‘ اسلوب الحياة ‘ تغيير الافكار الجامدة والسائدة ) . الضلع الاخر هي الادارة التي تشتمل على الموارد البشرية واسلوب التخطيط ورسم وتنظيم المؤسسات على اسس مدروسة ومنضبطة بعيدا عن البيروقراطية وبطأ الاجراءات والتعاملات الرسمية . اما الضلع الاخير في هذا المثلث فهو القطاع الاقتصادي الذي يشتمل على الانشطة الصحية والصناعية والزراعية الحديثة وخدمات الشركات والمؤسسات التي تقدمها الدولة للناس . العراق قلب العالم لانه قرر ان ينفض عباءته من اتربة الزمن الرديئة ‘ وها هي قلوبنا تعانق تموز شهر الولادة العراقي فنحن مع المحبة وصناعة الحياة لتشرق زفراتنا في حضرته مستنهضين بالامل والعمل قلوبنا وعقولنا . وها هي عشتار تعبر البوابات السبع لتوقظنا من السبات ولتكتسي البلاد ثوب النماء والبهاء والفرح ‘ لنهزم الوحش خمبابا الساكن في غابة الظلام . العراق في قلب العالم لانه احتضن الفارابي وبن سينا والرازي وجابر بن حيان ‘ والواسطي والحلاج ‘ وحكايات الف ليلة وليلة التي ما زالت تدرس في الغرب . العراق يعني كلكامش وارنمو واور واربلو وبابل وسومر ‘ وابراهيم الخليل وذا الكفل والمتصوفة ‘ وكاوة الحداد ‘ والملوية والمنارة الحدباء ‘ والزقورات والاولياء الصالحين ودار السلام وبيت الحكمة ‘ وابا حنيفة وموسى الكاظم ‘ والكلدان والاشور والصابئة والكرد والتركمان والعرب والايزيدية والشبك ‘ هو العراق بلاد النخوة والتسامح منارة الدنيا وزينتها . من هذا البلد انطلقت شعلة الحياة للكون واشتعلت قناديل الضوء ضد الحلكة فالعنف ليس من سجيتنا ودعوات التناحر والفرقة ليست من اخلاقنا . لقد علمنا العراق ان نكون .. وكنا قلب العالم.