منبر العراق الحر :
منذ ان ولدتني أمي شبح الفقر يطاردني ..
تعودت عليه حتى أصبح ظلي يتبعني من مكان لأخر وكأني الوحيد الذي خلقه المعبود على هذه البسيطة ..
على مراحل عمري الممتدة الى الخمسين لم أحضى بساعة عدل ولاطعم يمر بشواطئ روحي سوى طعم الظلم ..
فقد ابتدأ المشوار بشبح الفقر الوراثي الذي توارثناه من سابع جد ..
كل مااتذكره عن طفولتي التي ولت الى غير رجعة أشياء قد تضحك الاخر ولكنها كانت بمثابة الحلم لي ..
كنت احلم أن يكون لي حذاء أبيض..
{ ابو الدعابل لاستيك } { وطوبه أم الميتين }..
لكن عسر الحال كان المأساة التي حالت دون تحقيق ذلك الحلم وتوالت الانكسارات والفقر يمضي بنا كما يمضي الصدأ في قطعة الحديد المتروكة في القفار المنسية ..
العمر يمضي وعداده على نفس الوتيرة ودون شعور تحسب عليك تركة مامضى من سنين وهيّ تأكل بروحك كأنها مرض خبيث لتصبح بتقادم السنين قنبلة موقوته جاهزة للأنفجار بوجه أي احد بأي لحظة ..
تستمر الويلات وملامح الطموح تتلاشى بسبب ادران وحصيلة مافات وترسب وتحاول الهروب منك اليك علكَ تنفض غبار ماكان ..
لكن كل ذلك دون جدوى فقد كان بالروح هاجس يلح على عقلك الباطن ويعلمك انك لازلت مربوط بنفس المكان..
فمهما حاولت ان تهرب وإن كانت وجهة لم تختارها ستعود بك تلك السلسلة المربوطة بك لمرابع فقرك المدقع…
وبعد ان اشتد عودك وبدأت التعاطي مع حجم العقل الذي كبر معك كان أتون الحرب بأنتظارك حيث تزوج الموت بالفقر ليكون مفصل على قياس الاحلام التي لم تبارح مخيلتنا المعطوبة اصلا …
عمر أمضيناه بسلسلة حروب متواصلة رافقه حصار كان مكملاً لفقرنا الازلي ليعيد البوصلة لما كانت عليه ناهيك عن توحش الناس ونزعهم هندام الادمية ليعاصروا مرحلة الجود بالنفس من اجل الحزب وبطل العراق الاوحد ليستمر
مسلسل الانكسار النفسي حتى بعد تجاوزنا مرحلة حكم البعث …
كنا نتعكز على عصا الدين موهمين انفسنا أن الله سيعوضنا بخير من ذلك النظام البائد وتتنفس احلامنا الصعداء ويبدو ان حساباتنا كانت مغلوطة كما في كل مرة وجاء من يحكمنا مرتدياً عباءة الدين وكان الخذلان نصيبنا منهم ..
كسرنا ذلك العكاز الذي كنا نأمل ان يكون لنا المنقذ بعد طول صبر وعناء ..
العمر يمضي بنا والصدأ اوغل بأرواحنا وهاهو يتجاوز الحدود ويدخل حتى في احلام ذلك العمر الذي مضت منه السنين وهنّ غارقات بأنين ارواحنا التي ادمنت الانكسار ….
فأي عمرٍ كانَ عمري
كفاح الخفاجي