صاعود النخل … مهند سري

منبر العراق الحر :
من المهن التي كانت منتشرة في العراق، ومطلوبة أيضاً، صاعود النخل، وتنشطر عن هذه المهنة مهن أخرى، منها صانع “التبلية” التي يستعملها في صعود النخلة، وهذا عندما كان في كل بيت حديقة، وفي كل حديقة نخلة في اقل تقدير، فيما كانت البساتين عامرة بأشجارالنخيل، ويكفي أن تعرف أن هذا البلد كان يطلق عليه إسم “أرض السواد”، من ظل النخيل عليه، ولعلك تعجب اليوم وان ترى في الأسواق تمور مستوردة، في حين كانت البصرة وحدها تزخر بـ 400 نوع من التمور، قبل أن تجتالها الحروب، والتجريف، وحملات زحف “الكونكريت” على الأراضي الزراعية.
لم نستثمر هذه الثروة التي كنا فيها الدولة الأولى في العالم، قبل أن نتراجع الى الخامسة او السادسة في الترتيب الدولي، كما أننا، مثل أشياء كثيرة أهملناها، لم ندخلها في المكننة والصناعة الحديثة، فيما كنت ارى شركات هندية وغيرها تشترى التمر وهو في النخيل، لتأخذه بعد القطف لتصنعه انواعاً من الشوكلاتة والنستلة، أو تغلفه بطريقة لائقة لإعادة تصديره، ولاغرو ان يكون من بين المستوردين تجار عراقيين، والشكوى الى الله!!
عمتنا النخلة، تقلصت، واختفت من المناطق السكنية، واصبحت اسماً على مول، او تقاطع في طريق، او لوحة من الماضي، ولم تسعفنا وزارات الزراعة المتعاقبة في النهوض بالنخلة العراقية، برغم وعودها وخططها المعلنة عن زراعة ملايين النخيل، لكن هذه الأرقام تبدو لازمة لكل شيء يراد تضخيمه في هذا البلد، والواقع يكذبه.
توارت النخلة، وتوارى معها الظل، وزحفت المساكن، والكافيهات ومعارض السيارات، والمولات، والأسواق التجارية، على جذوع النخيل، معلنة نهاية عهد صاعود النخل، والتبلية، وسلال السعف، وكراسي الجريد، فيما البحث جار عن جريدي النخل، والعربيد بطل اسطورة الإنتقام من منجل الفلاح.

 

اترك رد