الجهاز الإعلامي يوثق أخلاقيات المقاومة الفلسطينية في “طوفان الأقصى” … كتب م. علي أبو صعيليك

منبر العراق الحر :

لم يكن تصريحاً دقيقاً ذلك الذي وصف من خلاله وزير الدفاع الصهيوني يوآف غالانت المقاومة الفلسطينية بأنها “حيوانات بشرية”، فقد يكون كلامه هو انعكاس لمدى الألم الذي أحدثته المقاومة في عمق الاحتلال بأن أصابت غرورهم وعنجهيتهم في مقتل خصوصاً أن ضربة السابع من أكتوبر قد كسرت شوكة الاحتلال بشكل فاق حدود التصور.

لا شك في أن شدة الصدمة أفقدت الوزير صوابه وتسرع في تصريحه حيث إن حقيقة ما جرى في المستوطنات المحررة كان مخالف تماما لذلك التصريح، فقد نجح الجهاز الإعلامي للمقاومة الفلسطينية والذي رافق المقاتلين بل كان جزء منهم في توثيق أخلاقيات المقاومة وانعكاس ثقافتها الإسلامية وهويتها العربية في تعاملها مع النساء والأطفال وكبار السن حيث تعاملت معهم بكل إنسانية وصورت بعض تلك المواقف قبل أن يصرح ذلك المتعجرف بما قال.

لاحقا بثت إحدى قنوات الاحتلال الفضائية لقاء مع مستوطنة تحدثت بمصداقية عن تعامل رجال المقاومة معها وأطفالها حيث حدثوها بأنهم مسلمون ولن يقوموا بإيذائها وأبنائها وقد اعترفت بأن حديث الفلسطيني معها جعلها تشعر بالهدوء، حتى أن أحد المقاومين إستئذن منها لكي يأكل “موزة” من مطبخها وقد ضحكت مستغربة تلك الإنسانية، وقد أقرت تلك المستوطنة أن الموقف استمر لمدة ساعتين ومن ثم غادر المقاومين وتركوها مع أبنائها دون أي أذى وهو ما تفاجئ به المذيع الصهيوني الذي كان يجري معها المقابلة، ورغم أنهم حفظوا حياتها وأطفالها إلا أنها لم تتورع بوصفهم مخربين!

لسنا هنا في انتظار شهادة تلك المستوطنة أو غيرها من المرتزقة اليهود لكي نتعرف على أخلاقيات رجال المقاومة الذين كان أحد أسباب نجاح مهمتهم بأنهم رجال محترمون على خلق عال وهي جزء من رسالة الإسلام الذي تعاديه أوروبا وأمريكا وأذنابهم في العالم، بل إن تلك الشهادات هي ردود من الصهاينة أنفسهم على وزيرهم المشحون لكي يعرف أن الحيوانات البشرية صفة لا تنطبق على رجال المقاومة إنما كان عليه أن يصفهم “المقاتلين النبلاء”.

على الجانب الآخر وفي نفس المؤتمر الصحفي صدرت أوامر الوزير بقطع الكهرباء والمياه والطعام عن مدينة غزة وهي المدينة المحاصرة منذ قرابة ثمانية عشر عاماً، وبذلك يجيب “غالانت” على نفسه بنفسه، فإن من يجب أن تتم وصفة ب”الحيوان البشري” هو من يحرم مدينة كاملة فيها قرابة مليوني إنسان مدني من أساسيات الحياة وسط حالة حرب.

ليس ذلك فحسب، بل إن القصف الذي تقوم به قوات الاحتلال يوميا على غزة يوقع ضحايا مدنيون فيهم الكثير من الأطفال الأبرياء والنساء وكبار السن وهذا ما وثقته كاميرات القنوات العالمية وهواتف المواطنين البسطاء.

قطع الكهرباء والماء والغذاء وإلقاء القنابل على بيوت المواطنين بعد فشل الاحتلال في القضاء على المقاومة هو عمل إجرامي مخالف لكل الأعراف والقوانين وحتى الحيوانات لو قدر لها قد لا تفعل ما فعلته قوات “غالانت” فمن هي الحيوانات البشرية وقد وثقت جرائمهم؟ 

في الحروب الماضية التي شنتها قوات الاحتلال على قطاع غزة وكذلك مخيم جنين وغيرها من المدن الفلسطينية كانت الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية تقدم الغطاء السياسي القانوني للأجرام الصهيوني، ولكن في الحرب الحالية تغيرت المعادلة نظرا لهول الصدمة، “فالحيوانات البشرية” الصهيونية تمارس جرائمها بدعم عسكري معلن من الولايات المتحدة والكثير من الدول الكبرى في مقدمة قد تؤدي إلى تدويل الحرب والوصول إلى حرب كبرى.

والحديث عن الحرب الكبرى سببه أن روسيا وتركيا والصين تحديداً لن يتركوا هذه المنطقة بثرواتها وميزاتها وموقعها الاستراتيجي على طبق من ذهب للولايات المتحدة من خلال زيادة قوة وتمكين الكيان الصهيوني، حيث يمر العالم كله بفترة صعبة جدا منذ أن ورطت الولايات المتحدة  أوكرانيا في حرب بالنيابة عنها لتدمير روسيا وهو الهدف الذي يبدو أنه بعيد المنال.

منذ قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين بمساعدة بريطانيا وفرنسا وغيرهما من الدول الاستعمارية ارتكب الاحتلال العديد من المجازر البشعة التي لا تمت للإنسانية بصلة وهي صفة ملازمة للصهاينة وقد سجلت مؤخراً اعترافات مستوطن صهيوني عن دوره في مجزرة الطنطورة، ونحن في هذه المنطقة شعوب مسالمة مؤمنة بالله تعالى وطبيعتنا فيها الكثير من الجوانب الإنسانية ولن يغير فينا الاحتلال صفاتنا الإنسانية بينما حافظوا هم على صفات أجدادهم التاريخية واستذكرها غالانت في مؤتمره الصحفي. 

 

كاتب أردني

aliabusaleek@gmail.com

اترك رد