منبر العراق الحر :
تعتمد دوائر المخابرات بالعالم على توظيف الإعلام بصناعة حدث مشبع بالإثارة، يستطيع مشاغلة الرأي العام للتغطية وتجاوز أزمة ما أو لتمرير صفقة أو تعبئة الجمهور العام نحو هدف محدد .
*تقديم فيديو اعتراف ” الجاسوسة ” اليزابيث تسوركوف لم يكن ناجحا ً في شطب حدث تشرين من الذاكرة الوطنية العراقية وربطه بمؤامرة اسرائيلية أو امريكية، لأنه حدث اشتركت به أعداد كبيرة من العراقيين وبمستويات اجتماعية متعددة ، وكل اعتراف يستدعي كشف دلالة حسب العرف القانوني، بينما افتقد اعتراف الجاسوسة اليزابيث للأدلة .
*مفهوم ” الجاسوسية ” اختلف بالعالم منذ ربع قرن تقريبا ، أي بعد ثورة الاتصالات ووجود الانترنيت ومواقع المعلومات مثل ” گوگل ” وغيرها وما تفيض به من مليارات المعلومات المتاحة للمتصفح، أخذت مهام التجسس تنطوي على مفهوم آخر يتمثل بالحرب السيبيرانية وسرقة اسرار الدول الغارقة بالسرية ، أي توظيف أعلى امكانيات الذكاء الطبيعي والصناعي في اختراق المواقع الالكترونية المحصنة للطرف الآخر ، وسرقة ملفاته السرية المتعلقة بالمشاريع النووية أو صناعة الأسلحة واسرارها والتجارب الحديثة المتطورة لعالم الالكترونيات والسباق نحو الفضاء وغيرها من المعلومات التي تشكل عناصر القوة الحديثة لتفوق الدول .
*الذهنية السياسية العراقية ولحداثة تجربتها بإدارة الدولة، تصاب بالذعر من فكرة نقد الحكومة أو مشاركة قطاعات الشعب بتظاهرات مطلبية سياسية أو اقتصادية ورفع شعارات مناهضة لتوجهات الحكومة أو الطبقة السياسية، فتنظر لتلك الفعاليات بكونها نتاج مؤامرات خارجية وعمل سفارات أجنبية أو نشاط تجسسي يستهدف وجودها، وبهذا فأنها تشترك مع الأنظمة الشمولية والدكتاتورية بذات المنطق التعسفي الذي يقطع العلاقة التفاعلية بين السلطة والشعب .
أن السلطة المتفاعلة إيجابيا ً مع الجمهور الأكبر تجد في النقد أو شعارات المعارضة بالتظاهرات مرآة لكشف أخطائها أو ضعفها فتعمل على إصلاح الحال ، وهنا يصبح دور المعارضة مصدرا لتقوية السلطة والنظام وليس هدفا للإسقاط ، وتلك أحدى مظاهر الحرية والحقوق المصانة للمواطن في الدولة الديمقراطية .