هل نَحذَر من الذكاء الاصطناعي ؟ ابراهيم سبتي

منبر العراق الحر :
مثلما انتشر الانترنت في حياتنا وأثّر عليها تأثيرا مباشراً وكبيراً ، وصار كل شيء تقريباً يرتبط به إرتباطاً وثيقاً وفي كل المحالات على الإطلاق ، فإن الذكاء الإصطناعي يحاول ان ينتشر هو الآخر وفي كل ميادين الحياة البشرية دون حواجز. انه ينتشر بسرعة البرق رغم إنه ما زال حبيساً ولم يطلق بعد في كل الجبهات إلا في بعض الإستخدامات المحدودة. انه بلا شك سيغيّر العالم تغيرا جذرياً وسيكتب له تاريخاً مختلفاً بفعل ما سيقوم به وما سيؤثر على مستقبل البشر وانماط الحياة وطرق معيشتهم. فقد يصبح الذكاء الاصطناعي هو الحلّ لمشاكل العالم والقاعدة المتينة والوحيدة وبلا منافس وستؤسس لمرحلة اخرى لتحديث اساليب الحياة برمتها . فسيحسن من إداء القطاع الصناعي والزراعي و العلمي وتقليل الأخطاء البشرية في القطاع الطبي من خلال استخدام اجهزة لم نرها من قبل . إضافة الى الحد من الخسائر في الجوانب العامة التي يتكبدها المجتمع في الصناعات والمشاريع او الأعمال المكلفة الأخرى لأنه سيتعامل بدقة معها معالجة أسباب إنحسار الإنتاج . وقد يساهم في تقديم بعض الإختراعات والإكتشافات التي لم يصل اليها البشر وخاصة تلك المتعلقة بالحياة والعلوم النادرة.. بعض علماء الذكاء الاصطناعي يقولون بأنه سيسدّ فراغ تواجد البشر في بعض الوظائف الصعبة وربما يدخل في إجراء العمليات الجراحية المعقدة لإنقاذ الحياة . وقد نراه يوما يقود سيارات الأجرة وسنصعد في السيارة التي ستسير لوحدها ذاتياً وحتى القطارات وربما الطائرات ستكون تحت رحمة القيادة الذاتية الذكية. سيصبح سائق الأجرة إذن من التراث وستكون آلات بعض المصانع في المتاحف ومعها ستُركن مناهج التعليم واجهزة البث البصرية وتقنيات كثيرة احرى. انه سباق مع الزمن للتغيير نحو مستقبل لا نستطيع تحديد ملامحه بعد . الخشية من إستلاب الوظائف من اصحابها، فأول ما سيتجه اليه الذكاء الإصطناعي ويسعى اليه هو تجريد البشر من وظائفهم وسيقوم هو بالعمل محلهم وهذا الجزء السلبي في الموضوع رغم ما يبشّر به البعض من انه سيدفع بالبشرية الى الأمام كثيرا . بصراحة سيكون الذكاء الإصطناعي ، فوق تصورات البشر وربما سيطيح بكل ما انتجه الإنسان من تطور في ميادين الحياة الحالية . ان الخشية من هذا التطور هو ان تقوم بعض الدول بمنحه صلاحية التحكم بأسلحتها النووية والتي سيكون البشر تحت رحمته ان اخطأ او إرتجل شيئا غير موجود ضمن اجندة التعليمات وبهذا ستفنى البشرية بضغطة زر ربما . انها نظرة تشاؤم لكننا لا نعرف مديات هذا التطور الذي سيغزو الدول ويحاول ان يغيّر الحياة فيها تغييرا جادا . ان الخشية منه ، ربما سيخلق جيلاً من الشباب عاطلاً عن العمل والعطاء ، لأنه سيجردهم من إبداعاتهم ومحاولاتهم ومسؤولياتهم . هؤلاء الشباب الذين هم بالتأكيد الدعامة المهمة في بناء المجتمعات ، ماذا سيحل بمجتمعاتهم وهم يجلسون ينظرون الى الذكاء الاصطناعي وهو يتحكم بكل شيء ويصادر كل شيء . اننا لا نستبق الأحداث ولكن نقول ما نتصوره ونخشاه بل ان القادم سيكون مجهولا ولا نعرف ما سيصبح عليه العالم . ما يهمنا هو الحفاظ على ادوات التعليم والمدارس والاخلاق والحالات الإنسانية من الإختراق والتلاعب بها والعبث بمقدراتها . مع اننا نطمح للتطور والبحث عن اساليب جديدة لكل شيء في الحياة ومنها ايجاد علاج للأمراض المستعصية والمزمنة وربما تقليل جسامة معاناتها ، والوصول لطرق ميسّرة لمكافحة الفساد . لكن هذه الثوابت لابد من الحفاظ على بقائها وحمايتها مهما بلغ حد التطور مديات هائلة . انه الصراع بين الراهن والموروث ، وبين القادم الذي لا نعرف حدوده وهو يسير بلا هوادة . هذا الصراع هو الذي سيبقي الثوابت تُمسك بالمجتمع وتحميه من الإنحدار .

اترك رد