جزيرة غوام . ….. محمود الجاف

منبر العراق الحر :

الجزيرة الإسبانية الأصل . الأمريكية الانتماء منذ العام 1898 . تفصلها عن كوريا الشمالية 3,430 كم فقط . وعن شنغهاي نحو 3,094 كم وعن روسيا حوالي 6,199 كم . وهي أكبر جزر أرخبيل ماريانا . بلغ تعداد سكانها عام 2022 نحو 171,774 ألف نسمة يتحدثون اللغات . الإنكليزية والفلبينية والشامورو ( لغة السكان الأصليين الذين يشكلون 37 % من العدد الكلي ) اكتشفها البرتغالي ماجلان عام 1521 . تعرضت للاحتلال الياباني أثناء الفترة ما بين عامي 1941 و1944 . ورغم ان سكانها يحملون الجنسية الأمريكية الا انهم لا يتمتعون بحق التصويت في الانتخابات ولهم ممثل غير مصوت في الكونغرس . تعود اصول الغالبية العظمى منهم الى اليابانية والصينية وبعض القادمين من جزر أخرى في المحيط الهادئ .

تحظى الجزيرة بأهمية استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة إذ أقيمت على أراضيها أهم المنشآت العسكرية حسب معلومات وكالة المخابرات الأمريكية (CIA) ويقدر تعداد العسكريين المرابطين فيها بنحو 6 ألاف شخص . أنشأت فيها قاعدة “أندرسن” الجوية التي تشكل منطلقا لأسراب القاذفات الإستراتيجية “B1 و” B2 ” و” 52 B” وتضم ايضا سربا من المروحيات التابعة للبحرية فضلا عن مدرجين ومخازن كبيرة للوقود والذخائر . وتحتضن قاعدة غوام البحرية التي تضم ميناء لأربع غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية وسفينتي امدادات ودرعا متطورة مضادة للصواريخ وهي منظومة ” ثاد ” . التي تستطيع التصدي للصواريخ البعيدة المدى التي يمكن أن يطلقها الخصوم التقليديين للولايات المتحدة . ورغم أن الجزيرة تعتمد بشكل رئيسي على الإنفاق العسكري للولايات المتحدة إلا أن للسياحة دورا مهما في اقتصادها إذ تؤمّن ثلث فرص العمل فيها . لانها تحتوي على قطع اثرية يعود تاريخها إلى 1500 سنة قبل الميلاد . وهي تقع في منتصف الطريق بين شبه الجزيرة الكورية وبحر جنوب الصين التي تخوض فيه نزاعات إقليمية مع العديد من جيرانها ومنهم حلفاء أمريكا خصوصا مضيق تايوان .. إضافة إلى التحدي الجديد المتمثل في سيطرة الصين على حوالي 11 مليار برميل نفط لم يلمسها احد الى الان و 19 تريلون متر مكعب من الغاز الطبيعي ضمن المناطق التي تشمل فيتنام والفلبين وماليزيا واندونيسيا وتايوان وبروناي و 10 % من مصائد الاسماك في العالم وهذا يعني 6 تريلون دولار سنويا ناهيك عن التفوق الكبير في المجال البحري خاصة الغواصات النووية الهجومية فضلاً عن بنائها لحاملة الطائرات الثالثة ( فوجيان ) كلها عوامل خطر وفق منظور مخططي الإستراتيجية الجديدة الذين يعتبرون الجزيرة بمثابة حائط صد وخط الدفاع المتقدم الذي يجب الحفاظ عليه بكل الوسائل وإعادة دور ( غوام ) الذي لعبته بعد تحريرها من اليابانيين وتحولها في وقتها إلى قاعدة لانطلاق الحلفاء في عملياتهم العسكرية نهاية الحرب العالمية الثانية .

الجزيرة هي ( رأس الحربة ) في مواجهة النفوذ الصيني وحلفائها لهذا نقلت لها أحدث المعدات التي تحظى بالتكنولوجيا العسكرية الفائقة . غوام تقع في قلب العمليات التي يضطلع بها تحالف ( أوكوس ) العسكري الذي تأسس في 15 سبتمبر 2021 ويضم مع الولايات المتحدة بريطانيا وأستراليا . كذلك تلعب دوراً استخباراتياً لجمع المعلومات عن الجيش والبحرية الصينية والنشاط الروسي والكوري الشمالي و ( العيون الخمس ) هو تحالف استخباراتي يجمع الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا ولهذا طلبت من الكونغرس مزيداً من الأموال لتمويل مبادرة العمل على تطوير أهداف واستراتيجيات وخطط وسياسات قريبة حتى عام 2030 وأهداف وخطط بعيدة للدفاع عن الجزيرة حتى عام 2049 وهو التأريخ الذي سيكمل فيه الحزب الشيوعي 100 سنة في الحكم ووضعه كعنوان للصعود والتفوق وربما للهيمنة الصينية ووصولها إلى قمة هرم القيادة العالمية .

ان الحالة السياسية والقانونية للجزيرة باعتبارها أرضا أميركية غير مضمَّنة يعطيها حقوقا خاصة تختلف عن باقي الولايات مثل عدم اشتراط التأشيرات لزائريها من دول أخرى وإمكانية إبرام اتفاقات دفاعية مع أي دولة دون موافقة ” الكونغرس”. أيضا يتشارك معظم سكانها من أصول شامورية مع دول أخرى في المنطقة مثل بالاو وجزر مارشال وجزر ماريانا مما يسهل التفاهم والتعاون بينهم .

لقد أكدت وزارة خارجية كوريا الجنوبية في بيان لها مؤخرا أن الوزير ( تشو – تاي يول ) ونظيره الأميركي أدانا المعاهدة الجديدة بين روسيا وكوريا الشمالية وقال “انها تهديد خطير للسلام والاستقرار في المنطقة “.. واكدت أن الجانبين ناقشا سبل الرد عليها واتفقا على مراقبة الوضع عن كثب . وقال بلينكن إن بلاده تدعم ردود كوريا الجنوبية على المعاهدة التي قالت فيها موسكو وبيونغ يانغ إن كل دولة ستقدم مساعدة عسكرية فورية إذا واجهت أي منهما عدوانا مسلحا . كما شدد على أن واشنطن ستدرس سبلا مختلفة للرد على التهديدات التي تشكلها الدولتين على السلام والاستقرار الدوليين .

أن مسألة تسليح موسكو لبيونغ يانغ بالصواريخ ومنحها تكنلوجيا الفضاء وكسر الحصار المفروض عليها الذي يخالف قرارات مجلس الأمن والاتفاقية التي سميت رسميا “معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة” التي نصت على ” السعي لإنشاء نظام دولي جديد عادل ومتساوي وتعزيز التعاون الاستراتيجي والتكتيكي بين البلدين ” في عبارة تدل بشكل غير مباشر على أنها حلف موجه لأميركا وحلفائها . كذلك تضمنت “تفعيل قنوات الاتصال دون تأخير إذا واجه أي من الطرفين تهديداً مباشراً باعتداء مسلح محتمل” . ونصت أيضا على “تقديم المساعدة العسكرية وغيرها على الفور باستخدام جميع الوسائل المتاحة إذا كان أي من الجانبين في حالة حرب بما يتماشى مع المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تعطي الحق الفردي أو الجماعي للدول في الدفاع عن النفس ضد أي هجوم مسلح “. كما شملت “إعداد الإجراءات اللازمة لاتخاذ اعمال مشتركة لتعزيز القدرات الدفاعية “. ونصّت ايضا على “العمل معًا لمواجهة التحديات والتهديدات في المجالات ذات الأهمية الاستراتيجية بما في ذلك الغذاء وأمن الطاقة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وسلاسل التوريد ” فضلا عن توسيع التعاون في مجالات التجارة والاقتصاد والاستثمار والتكنولوجيا وتطوير الأبحاث المشتركة في العلوم والبيولوجيا والاستخدام السلمي للطاقة النووية والذكاء الاصطناعي والمعلومات . كذلك خوفهم من ان تكون خطوة موسكو هذه جزءا من تشكيل حلف مضاد يشمل إلى جانب كوريا الشمالية الصين وإيران واخيرا فيتنام التي وعدها بوتين عند زيارته الاخيرة بنقل التكنولوجيا النووية اليها .

أمريكا كانت قد رسمت عدة اهداف في حربها مع روسيا على الارض الاوكرانية منها منع التقارب الاقتصادي بين روسيا واوربا الذي كان من الممكن ان يؤدي الى تقارب سياسي مما يعني الاستغناء عن الدولار مقابل اليورو والروبل كعملة بديلة . وهي تدرك ان اوروبا معتمدة اعتمادا كليا على موارد الطاقة الروسية الامر الذي سيضعفها اقتصاديا بعد ان اصبح اليورو منافسا قويا للدولار وبهذا ضربت عصفورين بحجر واحد وهما اضعاف الاتحاد الاوروبي وروسيا ثم تفكيكها كذلك الحفاظ علي حلف الناتو من التمزق ومنع الاتحاد الاوروبي من تشكيل قوة عسكرية خاصة به لان امريكا تملك حوالي 90 ٪ من قوات الناتو الذي اصبح يشكل عبئا على اقتصادها ولهذا نجحت في الزامهم بدفع تكاليف الحماية واقنعت الساسة الاوروبيين ان روسيا تشكل خطرا عليهم ثم اقحام العالم في حرب باردة جديدة وقد نجحت في تغذية الصراعات وخلق التوتر في قارات العالم القديم كما فعلت في اربعينيات القرن الماضي عندما استطاعت ان تشعل حربين عالميتين بعيدا عن اراضيها وهي من اوصلتها الى هذه القوة ثم اقحمت العالم في حرب باردة استمرت الى تسعينيات القرن الماضي ادت الى تفكيك الاتحاد السوفيتي وانهيار المنظومة الاشتراكية بعد ان كانت تخوف اوروبا بالخطر السوفيتي .

حقول النفط والطاقة التي يسيطر عليها معسكر العدو المتمثل في الصين وروسيا وكوريا الشمالية وحلفائهم يستدعي من امريكا اعادة امتلاك مصادر الطاقة في منطقة الشرق الاوسط ثم القفز الى ايران التي ساعدتهم في اسقاط النظام العراقي لاعتقاد نظام الملالي في حينها انهم بذلك سيكونون خارج اللعبة لهذا استغلوا الفرصة وداسوا على كل القيم الحضارية والانسانية والدينية والاخلاقية ومن اجل العبور الى الهدف الرئيسي وهو الصين . سيقطعون الاذرع الخارجية لعمائم الشياطين ثم ياتي دور رأسها لانهم بحاجة الى الطاقة التي تحرك اساطيلهم برا وبحرا وجوا .

استخدموكم لتدمير العالم العربي والاسلامي وآن الاوان لتدفعوا الثمن علما ان افعالكم لم تبقي لكم احدا في المنطقة يمكن ان يقف معكم ولو بكلمة حب او دعاء فقد اوصلتم الناس الى الدرجة التي اصبح لديهم الاستعداد للتعامل مع الشيطان للتخلص منكم ومن افكاركم وجرائكم الحقيرة التافهة التي جعلتموها في مواقع السيادة لتحكم وتتحكم بمصائر ارقى الشعوب واعظمها علما وحضارة . امريكا في طريقها لتدمير واسقاط دول وقتل شعوبها من اجل تأمين ظهر جيوشها واساطيلها أو ترويضها .. وبحر الصين هو الساحة الحقيقية للمواجهة في الحرب العالمية الثالثة أو جلوس الاقوياء على طاولة واحدة لتقاسم النفوذ والثروات فيما بينهم والحكيم الان هو الذي يجلس على كراسي المتفرجين ليشاهد النار التي ستشتعل بين مفتولي العضلات والدول الضعيفة هي التي ستكون الممول المادي والبشري لتلك النيران التي ستأكل الاخضر واليابس .

كم شخص مات وسيموت من اجل الدفاع عن الصين أو امريكا وحلفائهم ؟

 

اترك رد