منبر العراق الحر :
كل مايحدث هو خارج مساحة الذوق وثقافة الجمال ويتعارض مع قيم الفن والتأسيس الحضاري، هذا مايحدث في بلادنا في المؤتمرات التي تقام على نحو عشوائي لمناسبات فنية أو أدبية أو صحافية، احتفاليات وهمية لتوزيع جوائز الإبداع في زمن يفتقد للإبداع والمبدعين سواء بالفن أو الأدب أو الانشطة التي تنسجم مع مفهوم الإبداع، مجاميع من راقصات ومغنيات وعارضات الأجساد من بنات الليل والنهار تمنح لهن جوائز في هالة من التصفيق الساذج ، واحتفالات غنائية تخطأ بقراءة النشيد الوطني .
يبدو إن اللهاث الجنسي معياراً في تكريس التلاحم العربي باختيار موديلات الاعلان وممثلات ومغنيات الدرجة الثالثة، كبوتات غاطسة تحت وهج العناوين ” المسؤولة” جاء وقت تفجرها بآلاف من الدولارات والجوائز التي تحددقيمتها حسب الشروط الليلية إذا كانت حمراء أم خضراء وتراوح مابين الجادرية والخضراء، وتكرم في بغداد هذه الحزمة من ثمالات الفن والإعلام وسفاهات اللحم الأبيض المتوسط !؟
عندما تسأل عن سبب التكريم وهذا الإغداق بالمال لهذه الأسماء العادية والمستهلكة ..لم تجد الجواب، هناك أسرار وصفقات بعضها تجارية وعوالم خفية تقف وراء تنظم وتحريك هذه الأنشطة، مساحات جديدة لظهور وجوه قديمة يشوبها الإبتذال، وإذا سألنا وزارة الثقافة يأتيك الرد، ليس لنا علاقة بما يجري، كان الأجدى أن نسألهم عن أفضل المطاعم السياحية في بغداد !
سابقاً كانت تقام مجموعة من المهرجانات في العراق أبرزها مهرجان بابل الدولي إذ تدعى إليه فرق فنية معروفة على المستوى العالمي من إيطاليا وروسيا وفرنسا وكوريا ودول عربية ونجوم كبار من مختلف الاتجاهات الفنية والحضارية، تحضر لبابل لتقدم عروضها الوطنية وسط احتفال جماهيري متذوق لهذه الفنون الشعبية والموسيقى والرقص، وهناك مهرجانات أخرى مثل مهرجان المربد الأدبي والأخيضر في كربلاء ومهرجان الربيع في الموصل وغيرها ، أتسمت جميعها بحسن الاختيار والدقة في التنظيم وفوائد ثقافية وامتاعية مدهشة خصوصا مع الفرق الشعبية الراقصة من آسيا وأوروبا، تلك المهرجانات اتاحت لنا أن نشاهد ونستمع لأسماء كبيرة مثل نزار قباني ومحمود درويش وحنا مينا ..الخ .
المؤتمرات والمهرجانات التي تقام الآن لاترتبط بضرورة ثقافية أو سياسية أو اجتماعية، بل تأتي على قدر الداعين إليها والراغبين فيها لغايات شخصية أو اسقاط فرض أو تلبية لرغبة فنانة، وأكثرها بلا توجهات أو معايير فكرية وجمالية يمكن لها أن تقدم شيئاً للجمهور الباحث عن المتعة الثقافية، مهرجانات علاقتها بالثقافة والجمال تشبه إلى حد كبير معادلة استبدال الأشجار وحدائق الآس في شوارع بغداد بالمقرنص الأسمنتي الذي أفقد بغداد روحها وأجمل صفاتها، أبناء القرى حين يمتلكون السلطة في المدن الحضرية ينتقمون من ماضيهم بقلع الأشجار والانتقام من الحدائق وتعرية الشوارع من ثوبها الأخضر وتحويلها إلى كتل كونكريتية ومقرنص باهت المعنى، تغيير ينفع بكسب ملايين إضافية لمشاريع المدن، واستباحة لواقع كان يضج بالأوكسجين والنسائم وفضاءات مفتوحة بالنظر إلى النجوم وحركاتها، ومواساة بنات نعش .