منبر العراق الحر :
تتّجه سيمون بايلز إلى باريس استعداداً لترسيخ إرثها باعتبارها أعظم لاعبة جمباز على الإطلاق، وأيقونة أولمبية تتخطّى رياضتها في كل من الانتصار والهزيمة.
تألّقت “الدينامو الصغيرة” في دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو 2016، بإحراز ميداليات ذهبية في المسابقة الكاملة، حصان القفز، الحركات الأرضية، ومسابقة الفرق.
وصلت إلى أولمبياد طوكيو الذي تأجّل بسبب جائحة كوفيد-19، واضعةً النجومية والتاريخ نصب عينيها، لكنها انسحبت من معظم المسابقات بعد معاناتها من صدمة ذهنية مربكة و”مرعبة” يُطلق عليها لاعبو الجمباز اسم “تويستيز” (الالتواءات).
عادت بايلز التي أشاد بها كثيرون باعتبارها رائدة في مجال الصحّة الذهنية، وانتقدها البعض باعتبارها مُنسحبة، من توقّف دام عامين، عن عمر يُناهز 27 عاماً، بحالة جيّدة أو حتى أفضل من أي وقت مضى.
في 2023، رفعت رصيدها من الميداليات الذهبية العالمية والأولمبية إلى 37، وهو رصيد افتتحته بلقب المسابقة الكاملة في 2013، عندما كانت في الـ16 من عمرها فقط.
ولا تزال بايلز، حاملة الرقم القياسي بفوزها ست مرات بلقب المسابقة العامة في بطولات العالم، تُثير ضجّة كبيرة حتى بين نجوم بارزين مثل أسطورة الـ”أن بي أيه” ليبرون جيمس ونجمة البوب تايلور سويفت.
واستمتع أكثر من سبعة ملايين من متابعيها على إنستغرام بصور خياليّة لحفل زفافها من لاعب كرة القدم الأميركية جوناثان أوينز الذي حصل على إعفاء خاص من فريق شيكاغو بيرز، سيتغيّب بموجبه بضعة أيام عن المعسكر التدريبي للفريق لمشاهدتها في باريس.
لكن صعود بايلز شهد العديد من التقلّبات مثل إحدى حركات الشقلبة الخاصة بها.
توّجت طوكيو فترة مضطربة شملت كشف بايلز، في 2018، أنها كانت من بين مئات لاعبات الجمباز اللواتي تعرّضن لاعتداءات جنسيّة ارتكبها طبيب الفريق الأولمبي السابق لاري نصّار.
وانتقدت صاحبة الـ27 عاماً بشكل صريح الاتحاد الأميركي للجمباز واللجنة الأولمبية والبارالمبية الأميركية في ما يتعلق بتعاملهم مع الفضيحة، كما كانت صوتاً رائداً مطالباً بمحاسبتهم بعد إدانة نصّار وسجنه.
واضطرت بايلز التي ستصبح أكبر لاعبة جمباز تُمثّل الولايات المتحدة منذ ماري مارغريت هوسلي في أولمبياد هلسنكي عام 1952، أن تضحك عندما ذُكّرت بأنها وصفت آلي رايزمن التي كانت تبلغ من العمر 22 عاماً بـ”جدّة” فريق الجمباز الأميركي في أولمبياد ريو دي جانيرو عام 2016.
الركض دائماً
وقالت بايلز: “بالتأكيد يجب أن أعتذر لآلي لوصفها بالجدّة، لأنني أشعر أنني أكبر سنّاً بكثير الآن”، مشيرة إلى أن جسدها يشعر بذلك في الوقت الحاضر.
وتابعت: “بالعودة إلى ريو، كان بوسعي فعل أي شيء. لم أكن بحاجة إلى شريط لاصق، لا شيء. كنت مثل هامستر على عجلة، يركض دائماً”.
تُولي البطلة الأولمبية اهتماماً دقيقاً بصحتها الذهنية، وتواصل “دينياً” جلسات العلاج الأسبوعية التي تعتبرها مفتاح عودتها الناجحة.
لقد جعلت قفزة “رمح يورتشينكو المزدوج”، وهي قفزة صعبة للغاية لم تجرّبها أي امرأة أخرى خلال المنافسات، مهارة أساسية، وهي المهارة الخامسة التي تُسمّى باسمها.
قالت المدرّبة سيسيل لاندي التي رافقت، بمساعدة زوجها لوران لاندي، بايلز خلال رحلة عودتها: “أعتقد أننا كنا نعلم دائماً أن بإمكانها أن تكون أفضل”، مضيفةً: “إنها أكثر رياضية موهوبة عملت معها على الإطلاق، لذا كنا نعلم أنها إذا تمكّنت من تحسين مستواها الذهني والبدني، سيكون من شبه المستحيل إيقافها”.
أصبح مسار صاحبة الميداليات الذهبية الأولمبية الأربع أكثر سهولة بفضل البيئة الداعمة في صالة الألعاب الرياضية “مركز أبطال العالم”، الواقعة في تكساس، والمملوكة والمُدارة من طرف والدي بايلز، نيلي ورون.
قام الزوجان، وهما واقعاً جدّ وجدّة بايلز، بتبنّيها وشقيقتها أدريا، بعدما انتهى بهما المطاف في الحضانة، لأنّ والدتهما البيولوجية لم تكن قادرة على الاعتناء بهما بسبب إدمانها على المخدرات.
انضمّ إليها في الفريق الأميركي الأولمبي زميلتها في “مركز أبطال العالم” وفي أولمبياد طوكيو، جوردان تشايلز، ومعهما الحائزة على ذهبية المسابقة الكاملة في الأولمبياد عينه، سوني لي، والحائزة على ذهبية الحركات الأرضية، جايد كاري، إضافة إلى ابنة الـ16 عاماً هيزلي ريفيرا.
وتعلم بايلز التي كُرّمت بمنحها “ميدالية الحريّة الرئاسيّة” في 2022، أنها وزميلاتها في الفريق سيواجهن كارهين “يريدون رؤيتنا نفشل”.
لكنها سعيدة بالعودة بشروطها الخاصة.
وأكدت بايلز: “لا أحد يجبرني على القيام بذلك. أستيقظ كل يوم وأختار أن أتدرّب في صالة الألعاب الرياضية، ثم أخرج إلى هنا وأؤدّي بنفسي. فقط لتذكير نفسي بأنه لا يزال بوسعي القيام بذلك، وهذا هو السبب”.
المصدر : ا ف ب