العلاقات العراقية الكويتية واتجاهاتها المختلفة….عبدالخالق الفلاح

منبر العراق الحر :

اتجاهات العلاقة بین دولة الكویت والعراق تمثل أحد أهم العلاقات الخلافية في منطقة الخلیج  منذ بداية القرن الماضي، حيث واجهت هذه العلاقات توترات ملحوظاً منذ عقود طويلة وتحدیداً منذ نهاية القرن التاسع عشر،’تمحورت حول القضیة الرئیسیة في العلاقات الكویتیة العراقية منذ 1921 حتى الاحتلال العراقي للكويت في أغسطس/آب 1991′ ورغم أنه من المسلم به وجود خلافات بين الدول المتجاورة جغرافیاً إلا أن الخلافات الكویتیة العراقیة شهدت أموراً أكثر تعقیداً من أي خلافات بین دول متجاورة أخرى نتيجة عوامل داخلية وخارجية معقدة جداً بدل من ان تكون في العمق الاستراتيجي بينهما ، ورغــم تطــور العلاقــات السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة بــین دولــة الكويــت و العــراق فــي السـنوات اللاحقـة إلا أن مسـألة الحـدود لـم یـتم ترسـیمها بشـكل نهـائي، و بعـد انتهـاء الحـرب العراقيـة الإیرانیة في 8/8/1988 بدأت بوادر أزمة ترسيم الحدود بین البلدين تتصاعد وكان خروج العراق من الحرب محملاً بديون باهظة ومشكلات اقتصادية واجتماعیة، سبباً لتزايد حدة الأزمة بين العراق ودولة الكویت، وبدأ العراق يطالب دولة الكویت بدفع مسـاعدات اقتصادية لـه وتـأجیر بعـض الجـزر الكویتیة كمنفذ تجاري ومائي على العالم، إلا أن دولة الكویت رفضت بشدة المطالب العراقیة، وقام العـراق قـام باجتیـاح دولـة الكویـت فـي 1990/8/2 واستمر الوجود العراقي في دولة الكویت لمدة ستة أشهر انتهت بتدخل التحالف الدولي.

لقد اعتقد الكثير من المحللين والسياسيين بعد سقوط النظام العراقي عام 2003 أن الخلافات الكویتیة العراقیة قد تنتهي إلى الأبد في ظل قيام حكومة مدنية في العراق تلتزم بحسن الجوار مع دولة الكویت، وخصوصاً أن العديد من القادة العراقيين السیاسیین الجدد كانوا يتمتعون بعلاقات صداقة جیدة مع القیادة الكویتیة، إلا الواقع الذي عاشته العلاقات الكویتیة العراقیة منذ سقوط النظام العراقي والاحتلال الأمريكي للعراق منذ أبريل عام 2003 لم یظهر الكثیر من الإشارات الإیجابیة المرجوة، بل أن العلاقات بين البلدين دخلت في اكثر من مأزق خلال هذه الفترة.

في ظل التراكمات المتواصلة للقضایا الخلافیة بین البلدین، والتي أظهرت التجارب التاریخیة أنها لیست مرتبطة بنظام سیاسي معین بالعراق وإ نما ترتبط ارتباطاً وثیقاً بمتغیرات البیئة الإقلیمیة والدولیة المؤثرة. ولابد لكل مسؤول كويتي ان يفهم و يدرك حقیقة أن الجوار الجغرافي والروابط التاریخیة والحضارية والعلاقات العشائرية والقبلیة والأواصر الاجتماعیة من الزواج والمصاهرة والنسب والقرابة منذ عقود طویلة عبر التاریخ لا یمكن لهما بأي حال من الأحوال سواء جاءت هذه الحكومة أو تلك، أن یبقی البلدين على طول المدى في حالة تجاذب سياسي وتنافس اقتصادي وتوتر حدودي خلاف مالي، ولا بد من الفهم ان تجعل دولة الكویت تحديدا معنية باستقرار الأوضاع بالعراق سواء ما یتعلق بالناحیة الأمنية أو بطبيعة الحكم أو بالعلاقة بین الطوائف والجماعات العراقیة وهى كلها أمور تؤثر حتما على الأمن القومي الكویتي، ومن ثم تتطلب حداً أدنى من التعاون والتنسيق السياسي بین البلدين بعلت حجم التداعيات السلبية على دولة الکویت.

لقد عاشت العلاقات بین البلدین حالة من التوتر المتصاعد حول مجموعة كبیرة من القضایا التي أضافت تعقیداً جدیداً للقضایا الخلافیة السابقة بعد عام 1991، فبعد أن كان العراق یتهم دولة الكویت باستغلال انشغاله بالحرب على إیران لسرقة نفطه ومحاولة التلاعب بالحدود بین البلدین، ، إبان الحرب مع إیران وأخیرا الأسرى والمفقودین نتیجة للاحتلال العراقي و إشكالیات ترسیم الحدود و الحقول النفطیة المشتركة وانسحاب العراق من الكويت بعد ان أصـبح العـراق تحـت طائلـة عقوبـات اقتصـادیة وسیاسـیة وعسـكریة دولیـة لمـدة أكثـر مـن ثلاثـة عشـر عامـا،ً ممـا زاد مـن تعقیـد العلاقـات الكویتیـة العراقیـة أكثـر وأضـاف لهـا مشـكلات حدودیـة اقتصادية واهمها التعویضات المالیة العراقیة لدولة الكویت عن الاحتلال الصدامي البعثي،والتي بلغت المليارات من الدولارات واستلمتها الى اخر قرش منها ، رغم ان اكثر الدول الاوروبية وقفت الة جانب العراق و قد اعفت او قللت من مبالغها الكثير منها واما التي تخص العديد من الدول العربية لم يعترف بها نادي باريس لانها مبالغ غير متعارف عليها وخارج عن القرارات الدولية ، ولا تـزال نظـرة الشـك والتخـوف تجـاه بعــض النیــات العراقیــة قائمــة، وذلــك علــى خلفیــة بعــض المو اقــف والتصــریحات المحقة التــي صــدرت مــن مسـؤولین عـراقیین وقد’ تبناه مجموعة من البرلمانیین العراقیین الذي طرحوا مشروع یطالب بتعویضات من الكویت لكونها شریكاً أساسیاً في عملیة الغزو والاحتلال الأمریكي غیر الشرعي للعراق، وكون دولة الكویت مسؤولة بشكل مباشر عن الدمار المادي والبشري الذي أصاب العراق منذ عام 2003 في دعم القوات الغازية للعراق و بعد التجاوزات العديدة التي قامت بها الكويت واهمها ايجاد موانئ داخل المياه الاقليمية لتصبح مغالق للمياه العراقية نحو الخليج الفارسي ‘ وتقیید الملاحقة البحري في مینائي أم قصر وخور الزبیر، ویجعل مشروع میناء الفاو الكبیر الذي تحاول العراق إقامته بلا قیمة، وسیجعل من الشریحة البحریة الصغیرة التي تركت للعراق بعد قیام دولة الكویت بعد أن شرعت دولة الكویت في بناء میناء مبارك الكبیر،’ هذه الاصوات طالبـت بإیجـاد منفـذ بحـري للعـراق علـى الخلـیج ، إضـافة إلـى العدیـد مـن التصـرفات والسـلوكیات لبعض القـادة العـراقیین الجـدد والمجاملات على حساب الاراضي العراقية والتـي مثلـت علـى الـدوام بیئـة غير سليمة في العلاقات واضاعت حق البلد من خلال ضريبة السكوت التي استلمتها الشخصيات الوافدة للتباحث..

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

 

اترك رد