منبر العراق الحر :
سلسلة:خصوصية المفردة القرآنية-15
ظهرت في الآونة الأخيرة موجة بل موضة من الكتابات في وسائل التواصل الاجتماعي و [التطبيقات ]لشريحة من المثقفين يضعون لها عنوان [محاضرات قرآنية ]ويسبغون عليها طابع تفسير القرآن ،و يصفونها بأنها تدبرات و تأويلات قرآنية و ينشرونها على يوتيوب و فيسبوك وواتساب و غيرها،وهي عبارة عن مقتطفات وافكار وأقوال وآراء متفرقة من هنا و هناك .
📌وهي أبعد ماتكون عن تفسير القرآن، فهو علمٌ من أصعب العلوم يتطلب معارف كثيرة ونبوغا خاصا ومهارات متعددة وتخصصاً مركّزا وحسّاً لغويا مرهفاً وتبحراً واسعاً في مجالات متعددة.وبغير ذلك يدخل الكاتب في ورطة التفسير بالرأي.
لماذا؟
📌لأنه (كما يقول الإمام الباقر ع)إن للقرآن بطناً، وللبطن بطن، وله ظهر، وللظهر ظهر… وليس شيئ أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن، إن الآية لتكون أولها في شيئ وآخرها في شيئ، وهو كلام متصل يتصرف على وجوه (١)
📌وفي هذه الحالة فمن لا تتوافر لديه المواصفات الكافية والقدرة اللازمة لاينبغي أن يخوض في معاني كلام الله جلت عظمته،ولا يورط نفسه وغيره في متاهة فيكون ضالاً ومضلاً في الوقت نفسه.
📌فقد ورد النهي عن التفسير بالرأي والتحذير من الخوض فيه؛
# رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الحديث القدسي: قال الله جل جلاله: ما آمن بي من فسر برأيه كلامي (٢).
#رسول الله (ص): من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار (٣).
#وعنه (ص): من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ (٤).
#وعنه (ص): من قال في القرآن بغير ما علم جاء يوم القيامة ملجماً بلجام من نار (٥).
#وعنه (ص): أكثر ما أخاف على أمتي من بعدي رجل يتأوّل القرآن؛ يضعه على غير مواضعه .
#وقال الإمام الصادق (ع): من فسر القرآن برأيه فأصاب لم يؤجر، وإن أخطأ كان إثمه عليه (٦).
📌ولهذا فإنّ أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن علي عليه السلام يسألونه عن “الصمد”. فكتب إليهم:
[بسم اللّه الرحمن الرحيم،
أمّا بعد فلا تخوضوا في القرآن، ولا تجادلوا فيه، ولا تتكلّموا فيه بغير علم. فقد سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: “من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النّار”، وأنّه سبحانه قد فسّر (الصمد) فقال: الله أحد، الله الصمد، ثمّ فسّره فقال: لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد…”].
📌وعن الإمام الحسين بن علي عليه السلام أنّه ذكر لكلمة “الصمد” خمسة معان هي:
☆الصمد:الذي لاجوف له.
☆الصمد:الذي في غايةالسؤدد
☆الصمد:الذي لايأكل ولايشرب
☆الصمد:الذي لا ينام.
☆الصمد: الذي لم يزل ولا يزال،لا يسعه موضع، ولا على لون، ولا على خطر قلب، ولا على شمّ رائحة، منفي عنه هذه الأشياء”
📌بل إن محمد بن الحنفية نجل الامام امير المؤمنين ع قال: [تأويل الصمد: لا اسم ولا جسم، ولا مثل ولا شبه، ولا صورة ولا تمثال، ولا حدّ ولا حدود، ولا موضع ولا مكان، ولا كيف ولا أين، ولا هنا ولا ثمّة، ولا ملأ ولا خلأ، ولا قيام ولا قعود، ولا سكون ولا حركة، ولا ظلماني ولا نوراني، ولا روحاني ولا نفساني، ولا يخلو منه موضع].
📌وعن الإمام علي بن الحسين ع قال:
[الصمد الذي لا شريك له، ولا يؤوده حفظ شيء، ولا يعزب عنه شيء. -أي لا يثقل عليه حفظ شيء ولا يخفى عنه شيء-“.
📌أما الراغب فيقول في “مفردات القرآن”: الصمد، هو السيد الذي يُصمد إليه في الأمر، أي يقصد إليه. وقيل: الصمد الذي ليس بأجوف.
📌وفي معجم مقاييس اللغة،أن الصمد له أصلان: أحدهما القصد، والآخر: الصلابة في الشيء… واللّه جلّ ثناؤه الصمد، لأنّه يَصمِدُ إليه عباده بالدعاء والطلب.
📌وقد يكون هذان الأصلان اللغويان هما أساس ما ذكر من معان للصمد مثل: الكبير الذي هو في منتهى العظمة، ومن يقصد إليه النّاس بحوائجهم، ومن لا يوجد أسمى منه، ومن هو باق بعد فناء الخلق.
📌فسبحان الله القائل:
﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾[ لقمان: 27]
◇◇◇◇◇◇◇◇
١-البحار٩٢/ ٢٠/ ١٨وص٩٥/ ٤٨
٢-البحار: ٩٢ / ١٠٧ / ١ وص ١١٠ / ١١.
٣- كنز العمال: ٢٩٥٨.
٤-البحار: ٩٢ / ١١١ / ٢٠.
٥-البحار: ٩٢ / ١١١ / ٢٠.
٦- منية المريد: ٣٦٩.
~~~~📖~~~~
الأمين العام للمجمع القرآني الدولي