كثير من النقاط على كثير من الحروف.. ما الذي جلب على الهلال الخصيب كل هذا الويل؟!!.د.قيس جرجس

منبر العراق الحر : من يقول أن اسرائيل تعمل على تحريرنا من هيمنة ونفوذ إيران لتأمين نهضتنا وتقدمنا وتحررنا لهو ضرب من ضروب الحماقة السياسية والإفلاس الوطني والإنساني والأخلاقي..
* هناك من يعلل ذلك بأن الأنظمة العربية قتلت من الفلسطينيين وشعوبها، وهدمت مدنا وشرّدت، أكثر ما قتلت وهدمت وشرّدت اسرائيل ويمارس التشفّي والكيدية والشماتة والتي مارسها من قبل مَن هم موالاة للأنظمة..
لكن هل يبرّر ذلك منطقيا وأخلاقيا ووطنيا وإنسانيا أن أصفّق لعدو وجودي موغل في الإجرام والإرهاب منذ تأسيسه، وله دور كبير في حراسة كل الأنظمة المارقة والفاسدة والقاتلة وفي ما آلت إليه المنطقة وما ستؤول من حالة ضياع وتشرذم وتقهقر..
* من يقول بأن إيران تعمل للقضاء على الكيان الصهيوني وتحرير أراضينا فهذا ضرب من ضروب السذاجة السياسية، وعند البعض هو انتهازية شخصية لتحقيق مستقبله السياسي الشخصي بالرهان على نفوذها الواسع، وعند البعض هو ترجمة لانتمائه الطائفي السياسي أو ستر لعورته الطائفية، من خلال التشدّق بأنه مع قضية فلسطين الإنسانية الوطنية العادلة لطالما كانت وما تزال حيّة حتى الآن..
وما ينطبق على إيران ينطبق على تركيا والمراهنين عليها في إنقاذهم…
حركات التحرير تقاتل من أجل التحرير والأنظمة السياسية الداعمة لها تقاتل من أجل الجلوس على طاولة المفاوضات لتأمين مصالح النظام الخاصة..
كما تحرص الأنظمة السياسية المستثمرة في قضية الصراع على أن تكون حركات التحرير حاملة لأيديولوجيتها وعقيدتها لكي يسهل عليها استلابها..
حركات التحرير والتغيير والثورة يلزمها عقائد وايديولوجيات كي تعمل على تعبئة وتنظيم الأتباع، والخطورة أن تكون العقيدة دينية أو مذهبية ومشروعها السياسي كذلك. هذا ما يُفقد التحرير أو التغيير وحدة المواجهة وقوتها كما يجهض مشروع قيام الدولة الوطنية..
* كما أجهض الإسلام السياسي السني حركات التغيير والثورة، أجهض الإسلام السياسي الشيعي وحدة المواجهة في حركات التحرير. وبدل أن يكون التحرير قيمة وطنية أصبح استثمارا سياسيا لتقوية النفوذ والهيمنة لتنظيمات بحوامل طائفية ومذهبية على الدولة والمجتمع، لصالح أطراف اقليمية سواء كانت تركيا أم إيران..
وكما أفرغت الأكثريات المذهبية مضمون الديمقراطية واعتبرت صندوق الانتخابات مطية للوصول إلى السلطة، كذلك أيضا أفرغت الأقليات مضمون العلمانية واعتبرتها مطية للتمسك بالسلطة..
* هناك من وجد الخلاص الفردي في أوطان بديلة ولم يعد يهمه أية قضية، وهو متشائم ضمن هذا السواد والموت وكل كلام في التحرير والتغيير اصبح بالنسبة له موضع سخرية واستهزاء..
* هناك أصحاب النعمة الحديثة الليبرالية يقومون بمقارنة واقع الشعوب والدول الغربية وما وصلت إليه من تطور وتقدم، بما تعانيه الشعوب والدول من صراعات في المنطقة، بدل أن يقارنوا هذا الواقع بما كان قائما في العصور الوسطى حيث كان فرسان الملك وفرسان الكاردينال بمقام الحرس الثوري أو الجمهوري أو القومي، وبسلوك أبشع. ولهذا يضعون معايير تعجيزية لأي حراك أو محاولة تغيير أو تحرير ويُعدمون أية فرصة لمقاومة أو ثورة أو نهضة، وما عليك إلا الاستسلام لمن يقهرك أو تستجلب دولا تستعمرك لتقوم بعملية التنوير والحداثة..
* لقد تركت الأنظمة الفاسدة الاستبدادية التي اشترت وباعت واستثمرت في القضية الفلسطينية من أجل مصالح سلطوية خاصة مجتمعاتها ضحية الإسلام السياسي الشيعي في مكان والسني في مكان آخر مع نفير لمشاريع انفصالية للأعراق والأقليات..
* على هذه التركة من تشقق الأرضية الاجتماعية الوطنية والإفلاس الوطني حان موعد الحصيدة والتسوية والصفقة وإقامة الشرق الأوسط الجديد الذين بشّروا فيه طويلا ولم يتعظ أحد:
# تحويل كل أنظمة الكيانات في المنطقة الى أنظمة توافق وتقاسم طائفي مذهبي عرقي شبه فاقد للسيادة الوطنية وجاهز لاستباحة الدول الإقليمية كلٌّ وفق نفوذها في طائفة وحزبها السياسي يتنافسون في تشكيل السلطة لكل نظام مع تحريم هذه الدول في الاستثمار في فتح جبهات تحرير مع اسرائيل بل عليهم رعاية ومراعاة مصالحها الاستراتيجية في الهيمنة على المنطقة..
# تركيا تستثمر في السنية السياسية وأحزابها تنافسا مع السعودية، وايران تستثمر في الشيعية السياسية وأحزابها، اميركا للأكراد، روسيا للأقليات، مع تبادل الخدمات والمصالح بينها..
لا شك في ان هذه جولة من الصراع المفتوح على اتجاهات كثيرة يتحكم بها تغيّر موازين القوى على المسرح الدولي والإقليمي..
رغم كل ذلك – أتمنى – ان تنكسر اسرائيل الوحش الفالت من عقاله.. ولا يكون هناك صفقة وتسوية ولا شرق أوسط جديد.. وأن تنسحب إيران وتركيا من الهلال الخصيب..
اقتتالنا على كرسي السلطة باسم الأنبياء، أفقدنا الأرض والسماء معا
مقتلنا الطائفية الموت القائم في الشرق..
يااااللوجع والقهر الاستراتيجي..
دمتم جميعا بخير..
وتصبحون على وطن..
قيس جرجس

اترك رد