منبر العراق الحر :
الهواء يجلس على مقعد الفراغ كبديل دائم ومناسب لأي غياب…
الهواء يصفع وجوه المارة بأكفه الباردة جدا ويبري أنوفهم بمبراة الصقيع…
بعض المارة يرتدون أجسادهم فوق أرواحهم معاطف بالية لا تستر كدمات القهر
والحزن والتعب ووحمات الفرح القليلة وشامات الأمل المبعثرة…
وبعضهم يرتدون أرواحهم فوق أجسادهم سترات عافطة واقية من النظرات أو
سترات زاهية جاذبة للنظرات…
الفوضى تكاد تكون الواجهة الإعلانية الوحيدة على وجوه الناس، فوضى مشاعر،
فوضى مواقف، فوضى أخبار واشاعات، فوضى توقعات، فوضى اتجاهات
ونشاطات، فوضى بافطات وأعلام، فوضى فصائل، والحذر بائع متجول يجوب بين
الخطوات…
القرف والتذمر مما كان بذمّ شفتيه يكاد أن يضرط…
الخوف والقلق ما زال يبول على فتيل الانفجار…
جلطة جليد تصيب بعض برك الماء على الرصيف…
مداخن الصرف الصحي للدخان المفتوحة على جدران البيوت وسطوحها تشي بنوع
الحرائق والغصّات في قلوب سكان البيوت أيضا…
حيث تبدو بعضها كربطاتِ عنقٍ عصرية بشكل أحرف أجنبية ك H وTوO وهي
تزفر الدخان الأبيض بنعومةٍ كأنوف الغجريات الراقصات حافيات…
أو كربطاتٍ مشرومة النهاية من كل الجهات تزفر الدخان الرمادي بفوضى وغزارة
كأنوف عمال الأفران…
والحرائق المشتعلة على الأرض بلا مداخن تظلل الأماكن بالغيوم السوداء
المتموجة كأمواج الجماهير الغفيرة الغفورة تهتف لسارقيها…
الدخان فوقكم والرماد تحتكم تقول النار: أين طائركم الفينيقي؟!
الغيوم فوقكم والماء تحتكم يقول المطر: أين إلهكم أدونيس؟!
الغبار فوقكم والوحل تحتكم يقول الطين: أين زهرة اللوتس؟!
الرأس فوقكم والأقدام تحتكم يقول الطريق: أين قمم سيزيف؟!