منبر العراق الحر :
أمضت الطبقة السياسية بأحزابها وتنوعها الطائفي والعرقي والإثني في العراق، ما يزيد على عشرين سنة في الحكم ومحاصصة الثروات والنفوذ والفساد، واشتراكهم في دورة انتخابية مقبلة يكون قد أمضوا نحو 25 سنة في السلطة المطلقة والفساد المطلق، وهي ذات السنوات التي أمضاها الدكتاتور صدام حسين في السلطة المطلقة 1979-2003!
هل العراق منتج مثالي لدكتاتوريات الحكم، أم مشروع تجريبي من سلطة الحزب الواحد، إلى سلطة الأحزاب المتعددة التي تقوم على فكرة “الشرعية”!
شرعية نظام صدام كان يستمدها من كونه قائدا لقوّته الحزبية والعسكرية والأمنية والقمعية والثورية والقومية، وتستطيع أن تضع عشر لافتات أخرى، والآن تتحدث الطبقة السياسية الحاكمة ب”شرعية” السلطة الممنوحة لها ديمقراطيا، برغم أن نسبة المشاركة لا تتجاوز ال20% من الناخبين؟!
لا يتسع المجال لتعداد الفروقات بين النظامين الصدامي و”الديمقراطي”، لكن المحصلة، يمكن أن تختصر بسرديات الواقع المأزوم اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وأخلاقيا وصحيا وتربويا وتعليميا، وهذه الأزمات كانت تتفاوت بين النظامين، لكن المشترك بينهما هو التراجع والانهيار واستبدال قيم القيم المجتمع بعد هزات عميقة في تراكيبه الأخلاقية والاجتماعية التي تحقق معها الاغتراب الحقيقي جراء الحروب والحصارات، وتحول المسار الاجتماعي العام من البنى الوطنية والنمو التقدمي الطبيعي والمتدرج وفق المواضعات الاجتماعية والطبقية، إلى الفوضى الفردية، وتصادم المصالح، وبروز الجريمة كوحدة سلوك ترافق الغالبية في السلطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعشائرية والدينية، حتى بدت المصالح المادية من ثروة وسلطة تشكل مركز التفكير والاشتغال لدى العامة!
إذن ليس عبثا أن يبدأ المشروع الدكتاتوري الجديد أو “الدكتوقراطي” ب 223 كياناً سياسياً عام 2005، ويبلغ العدد الآن 320 حزبا و60 تحالفا انتخابيا!
أرقام قياسية تمثل انفتاح الشهية بشراهة مطلقة نحو السلطة، لأنها تمنح أصحابها المفاتيح السحرية للثروة والتموضع في خطوط السلطة وخنادقها المتزايدة، بل والمكوث فيها بعد كل دورة انتخابية، لأنك من تضع القانون الانتخابي الذي يحفظ لك الحق “المقدس” في ممارسة الفساد باسم المكون!
تزايد الأحزاب لا يعني تمثيلا للتنمية الديمقراطية، لا طبعا، إنما هي تعددية داخل المكون الطائفي أو القومي، جاءت بعد أن تنامت الطموحات الفردية، وساد مبدأ لا فرق بيني وبينك بفرهود الثروة الوطنية، فهي مجهولة المالك! وكل منا يمارس الفساد والخداع إزاء قطعان بشرية، مازالت تحتفظ بإيقاع التصفيق من الدكتاتور الأول، وزادت في نسبة المهاويل، بل صارت الأغلبية مهاويل بشتى الطرق والوظائف على فضائيات الفضائح السياسية والوطنية!
أحزاب وشخصيات تحكم منذ 22 سنة، وسوف يتجدد بقاؤها بالسلطة، لأنها بمنأى عن المحاسبة والقوانين والعقاب، فهي تملك المال والسلطة والسلاح، ولا تحترم قانون الانتخابات ولا الشعب ولا القضاء ولا المكون الذي تدعي تمثيله! أنها دكتاتورية متعددة الأطراف والعناوين والشخصيات والثراء الفاحش الطارئ الذي ارتقى بأسماء قفزت من هامش وقاع المجتمع، لتضع السياسية في بورصة ملايين الدولارات، وتفتح الطريق وحده للمال لكي يرسم نوع السلطة المقبلة برلمانيا وتنفيذيا، و”حط زايد تأخذ زايد” وشتان بين زايدنا، وزايد الإمارات -رحمه الله- وطيب ثراه!
